يبدو أن الإقليم الجنوبي من العراق أخذ يصلح للسكنى ابتداء من عصر هذه الحضارة، وكان اختلاف ظروف البيئة في الجنوب والشمال خلال هذا العصر سببًا في وجود بعض الاختلافات في مظاهر الحضارة التي سادت في هذين القسمين، ويذكرنا ذلك بما حدث من تخصصإقليمي أثناء العصر الحجري الحديث في مصر, وهو يدعونا إلى التمييز بين حضارة العبيد الشمالية وحضارة العبيد الجنوبية.
فحضارة العبيد الشمالية تتميز بالفخار الملون والتماثيل الطينية الصغيرة والأواني الحجرية والأدوات العظمية، كما عثر في إحدى المناطق التي تنتمي لهذه الحضارة "وهي تبة جورا" على مجموعة من المباني المهمة "معابد ومنازل" استخدم الآجر في بعض أبنيتها ولم يستعمل الحجر في ذلك إلا نادرًا، وقد عثر على مقابر للأطفال في طبقات المنطقة؛ بينما كان البالغون يدفنون في جبانات أخرى على السفح عند أسفل التل, وكانت المقابر أحيانًا تغطى بالحصير.
أما حضارة العبيد الجنوبية فتعتبر أقدم حضارة ظهرت في هذا الجزء من العراق؛ حيث إن مخلفاتها تستقر على الأرض البكر، ومن أهم مواقعها تل أبو شهرين "أريدو" وأور وقلعة الحاج محمد "قرب الوركاء". ومن أهم ما يميزها الفخار الملون بلون يميل إلى الخضرة والحمرة أو اللون البني والرسوم التي تزينه ملونة بألوان مائية سوداء وهي تمثل أشكالًا هندسية "شكل ٣٠"؛ مما يذكرنا بحضارة نقادة الأولى في مصر، وقد عثر كذلك على تماثيل طينية