للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيبي الثاني:

تولى العرش وهو في السادسة من عمره وكانت والدته أشبه بوصية على العرش في أثناء السنوات الأولى من حكمه، ومن المرجح أن قوة الأمير "جعو" "خال الملك" وعظم مركزه هما السبب في رعاية مصالحه كملك طفل ومصالح أمه الملكة الوالدة، وقد عاش هذا الملك إلى أن بلغ من العمر أرذله ويكاد يجمع المؤرخون على أنه ظل يحكم نحو أربعة وتسعين عامًا.

وأهم ما حدث في عهده توالي الرحلات التي كان يقوم بها أمراء الإقليم الجنوبي إلى النوبة ووصلوا فيها إلى مناطق لم يسبق للمصريين أن وصلوها من قبل, ورغم النجاح الباهر الذي صادفوه في أول الأمر؛ فإن بعض الرحالة قد لقوا حتفهم في تلك البلاد فيما بعد؛ مما يدل على أن هيبة مصر في أواخر عهد هذا الملك تعرضت إلى الاستهانة بها؛ لأن ما أصاب البلاد من ضعف كان النوبيون يشعرون به دون ريب؛ فبعض النصوص المتأخرة من عهده تشير إلى ذلك؛ إذ يفهم منها أن النوبيين بدءوا يظهرون روح العداء نحو مصر, ولذا أخذ قواد القوافل يستميلونهم بالهدايا١.

وربما كان وصول هذا الملك إلى سن الشيخوخة واستمراره مدة طويلة كحاكم ضعيف واهن؛ مما أدى إلى ضعف سلطان الملك وانهيار الإدارة المركزية، ولم يقدر لمصر أن يجلس على عرشها ملك قوي إلا بعد نحو مائتي عام حينما تأسست الدولة الوسطى؛ إذ لم يتبع هذا الملك في الحكم من ملوك الأسرة السادسة إلا "مري إن رع الثاني" الذي لم يحكم إلا سنة واحدة ثم تبعته على العرش "نيت إقرت" التي ذكرها مانيثون باسم "نيتوكريس" ولم تبقَ هي الأخرى


١ يمكن تتبع ضعف مصر في هذه الفترة من نصوص الرحالة الذين ذهبوا إلى النوبة في عهد بيبي الثاني, انظر كتاب المؤلف السابق ذكره ص٣١.

<<  <   >  >>