للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في فتوحاته كثيرًا؛ حيث يرجح أنه وصل إلى منحنى الفرات الذي عرفه المصريون بأنه النهر ذو المياه المعكوسة "أي: الذي يجري في عكس الاتجاه الذي يسير فيه نهر النيل"، وفي هذه البقعة التي وصل إليها انصرف إلى الصيد بعض الوقت وترك هناك لوحة لبيان حدود مملكته، ومن ذلك يتضح أنه كان يحكم إمبراطورية تمتد من منطقة الشلال الرابع إلى شمال سورية عند منحنى نهر الفرات، وقد درج بعض فراعنة الدولة الحديثة فيما بعد على الذهاب لصيد الفيلة في منطقة منحنى الفرات؛ مما يدل على أن هذه المنطقة كانت حافلة بالأحراش في تلك العصور.

ويحدثنا المهندس إنيني الذي عاش ابتداء من عهد أمنحتب الأول بأن سيده تحتمس الأول كلفه ببناء مقبرته وأن هذه المقبرة نحتت في الصخر في بقعة لا يعلمها غيره١، والظاهر أن تحتمس الأول كان أول فرعون يقرر عدم وجود بناء هرمي أو غير هرمي يعلو سطح الأرض فوق مقبرته حتى يخفي مكانها؛ فلا تمتد إليها أيدي اللصوص، وهذه البقعة التي نحتت فيها مقبرة تحتمس الأول أصبحت جبانة لملوك الدولة الحديثة, وهي المعروفة حاليًا باسم "وادي الملوك"، وتقع على الضفة الغربية للنيل أمام مدينة الأقصر، ومن المباني التي شيدها تحتمس كذلك معبده الجنزي الذي بناه على حافة الوادي بالقرب من مقبرته، كما شيد معبدًا كبيرًا في منطقة الكرنك أقام أمامه مسلتين كبيرتين وبنى بهوا عظيمًا به أعمدة مربعة على واجهاتها تماثيل أوزيرية٢.

وقد حكم هذا الملك نحو ثلاثين عامًا كانت البلاد فيها قوية يمتد نفوذها


١ Breasted, A R II, ٩٠-٩٨.
٢ أي: تماثيل بهيئة الإله أوزير الذي اعتقد الفراعنة أنه إله الموتى الحاكم في العالم الآخر, وكانوا يمثلونه بهيئة إنسان ملتف بالأكفان ويمسك صولجانًا في إحدى يديه وسوطًا في يده الأخرى, وقد يقبض على عصا الراعي بالإضافة إلى ذلك.

<<  <   >  >>