والظاهر أن ديانة آتون كانت في طريقها إلى الزوال منذ أواخر عهد إخناتون, وأصبحت أضعف من أن تقف على قدميها بعد وفاته؛ لأن أحدًا من خلفائه لم يحاول على الإطلاق أن يهتم بشأنها بل عادوا إلى ديانة آمون الذي أصبح نفوذه أقوى مما كان١، ولا شك في أن ضعف إخناتون وخلفائه كان من أهم العوامل التي أدت إلى ضعف سلطان البيت المالك, وإلى القضاء على ديانة آتون؛ فاستطاع بعض رجال ذلك العهد الوصول إلى مركز الصدارة، ومن أهم هؤلاء "آي" الذي تولى العرش بعد موت توت عنخ آمون وخليفته "حور محب" الذي يعد مؤسسًا للأسرة التاسعة عشرة.
وكان "آي" في بداية الأمر من رجال الحرب ثم تحول إلى الكهنوت قبل أن يعتلي العرش, أما حور محب؛ فكان قائدًا ومشرفًا على بيت الملك وشئون القصر.
ويبدو أن البلاد أخذت تحاول النهوض من جديد منذ أن عاد البيت المالك إلى طيبة, وبدأ توت عنخ آمون بإصلاح بعض المعابد وإنشاء معابد أخرى في مصر والنوبة وإعادة اسم آمون على الآثار التي محي منها، ومن المرجح أن قائد جيشه حور محب استطاع أن يقضي على بعض الثورات التي نشبت في فلسطين, كما يحتمل أنه أعاد ضم بعض الولايات التي كانت مصر قد فقدتها.
١ لا شك في أن الأساليب التي اتبعت في عبادة "آتون" كانت لا تصادف هوًى في نفس المصري القديم, الذي تعود أن يرى صورة مجسمة للإله في هيئة إنسانية أو حيوانية, كذلك كانت معابد آتون مكشوفة وتقام الطقوس فيها أمام الملأ ولا يكتنفها الغموض ولا الإبهام الذي يحيط عبادة الآلهة الأخرى التي كانت معابدها في أجزاء منها على الأقل بعيدة عن رؤية العامة؛ مما يبعث في نفوسهم الرهبة وينسبون إليها الأسرار العميقة؛ ولذا كان من المتوقع أن تختفي ديانة آتون ويعود المصريون إلى الديانة التي ألفوها وهي ديانة آمون.