لم يكن حاسمًا لأي من الفريقين, وقد وصلت الفرقتان الأخيرتان من جيش رعمسيس بعدئذٍ إلى ميدان المعركة وتحفز الجميع لمعركة فاصلة في اليوم التالي؛ ولكن ملك الحيثيين عرض الصلح واتفق الطرفان على عقد معاهدة يحترم فيها كل منهما حدود الآخر, ولا يتدخل في شئون رعاياه.
وقد عاد رعمسيس بجيوشه إلى مصر ولم يستول على قادش كما كان يأمل، أي أن الإمبراطورية المصرية أصبحت قاصرة على فلسطين ولبنان والجزء الجنوبي من سورية وبعض الموانئ، ومع ذلك فقد أذاع في طول البلاد وعرضها بأنه انتصر على أعدائه وأباد منهم عشرات الألوف, ووضعت قصيدة نقشت على كثير من آثاره وهي تصف معركة قادش وشجاعة رعمسيس في قتاله وحيدًا ضد جيش المتحالفين وانتصاره عليهم بفضل مساعدة الإله آمون له. ويجب ألا يغيب عن الذهن أن ادعاء رعمسيس الثاني الانتصار يتنافى مع الواقع، ومن المعقول أنه إذا كان هناك انتصار مصري على الإطلاق؛ فإنما يتمثل ذلك في نجاة الملك فحسب, ومما يؤيد ذلك أن المصادر الحيثية تشير -على العكس من ذلك- إلى انتصار خاتوسيل "ملك الحيثيين" وإلى هزيمة المصريين, ولا شك في أن شواهد الأحوال تدل على أن المصادر الحيثية أصدق من المصادر المصرية فيما يختص بهذه الموقعة, وخاصة لأن الحيثيين كانوا يحاولون السيطرة على مملكة الأموريين؛ ولكن ملكها بنتشينا وقف إلى جانب مصر ولم يخضع لتهديد الحيثيين وحلفائهم؛ فلما نشبت المعركة اختفى اسم بنتشينا كملك على الأموريين وحل محله سابيلي الذي اعترف بسيادة الحيثيين, وهذا يؤكد أن النصر كان حليفهم.
ولا بد أن هذه المعركة كانت ذات أثر كبير؛ لأنها هزت النفوذ المصري في آسيا هزًّا عنيفًا؛ فلم يكد يمضي عامان حتى كانت فلسطين قد ثارت على مصر, وامتدت الثورة حتى وصلت الحدود المصرية نفسها؛ فسارع رعمسيس إلى إخماد