حتى طيبة، وبذلك أصبح يحكم مملكة تمتد -على الأقل- من الشلال الرابع جنوبًا إلى طيبة شمالًا أي: إنه يحكم في إقليم النوبة الغنية فضلًا عما كانت مملكته تنعم به من وحدة متماسكة، على عكس الحال في مصر التي فقدت أملاكها في آسيا كما تنازع فيها الأمراء ورجال الدين على السلطة؛ إذ وجدوا في ضعف الملوك خير مشجع لهم على التمادي في محاولة الاستئثار بها، وقد تطورت الأمور بعد ذلك سريعًا في مصر لأن "تفنخت" أخذ يمد نفوذه على بقية الأمراء في الدلتا محاولًا أن يعيد الوحدة إلى البلاد؛ فبعد أن قهر أمراء غرب الدلتا سار جنوبًا حيث استولى على شمال الوجه القبلي ثم عاد فبسط نفوذه على شرق الدلتا ووسطها أي أنه أصبح ملكًا بالفعل على الوجه البحري وشمال الوجه القبلي إلى بني حسن ولم تقاومه إلا إهناسيا عاصمة إقليم الأشمونين، وفي تلك الأثناء كان "بعنخي" قد تولى الملك في النوبة بعد "كاشتا"، ولم يهتم بادئ الأمر لنجاح تفنخت في بسط نفوذه على بقية أمراء الدلتا؛ ولكنه شعر بالخطر الذي يهدد نفوذه عندما عاد تفنخت إلى التقدم في الصعيد وانزعج حينما علم بأن "نمرود" أمير الأشمونيين استسلم له في النهاية بل وانضم إليه أيضًا، وعلى ذلك أمر بعنخي قواته بالتقدم شمالًا نحو تفنخت لوقف تقدمه إلى الجنوب، ومن المحتمل أن القوات النبتاوية لم تصادف نجاحًا كبيرًا في أول الأمر فاضطر بعنخي أن يتقدم بنفسه نحو الشمال، وما أن وصل إلى طيبة حتى استراح بها وقدم الهدايا لآمون, ثم واصل سيره شمالًا مخضعًا كل الأقاليم التي كانت في طريقه إلى أن وصل الأشمونين حيث دارت معركة بين أسطوله وبين الأسطول المصري هزم فيها هذا الأخير، وفر تفنخت شمالًا ليعيد تنظيم قواته ويقوي من تحصيناته.
أما نمرود فقد تحصن في الأشمونين ودافع عنها, ولكنه -إزاء حصار بعنخي- أجبر على التسليم وأرسل زوجته للتوسط له عند حريم بعنخي،