الذي يعالجه هذا الكتاب، وهناك دولتان أخريان لم يكن لهما إلا دور ضئيل في تاريخ العرب, وهما دولتا قتبان ودولة حضرموت.
أ- الدولة المعينية "١٣٠٠-٦٥٠ ق. م.."
تعد أقدم دولة معروفة في شبه جزيرة العرب وهي أقدم دولة كذلك ظهرت في بلاد اليمن, ومن الغريب أنها لم تذكر في المصادر العربية بل ذكرت بلدة معين, وكانت تقرن غالبًا ببلدة براقش؛ حيث أشير إليهما كمحفدين من محافد أو قصور اليمن القديمة وموقعهما في الجوف فيما بين نجران وحضرموت؛ بينما أشارت المصادر اليونانية والرومانية إلى المعينيين وذكرت عاصمتهم "معن" باسم "قرتاو". ومن المحتمل أن الكتابة عرفت في معين قبل قيام دولتها ببضعة قرون وقد ظلت حضارة المعينيين غير معروفة إلى أن تمكن هاليفي من الكشف عن آثار عاصمتهم معين ونسخ كثيرًا من نقوشهم ونشر نتائج كشفه سنة ١٨٧٤، وقد زاد عدد النقوش المعينية التي نسخت بفضل جهود جلازر وجوسن, ومن دراسة هذه النقوش عرفنا الكثير عن هذه الدولة وملوكها وكان عدد هؤلاء ٢٦ ملكًا موزعين على خمس أسرات, وإن كان بعض الباحثين يرى أن هؤلاء الملوك ينتمون إلى ثلاث طبقات؛ ولكن فيلبي يؤيد أنهم في خمس أسرات إلا أنه لم يذكر إلا ٢٢ اسمًا من أسماء هؤلاء الملوك؛ كذلك أمكن عن طريق هذه النقوش أن نتعرف على بعض الألقاب الملكية مثل لقب "يطوع": المخلص، صدوق أي: العادل, وريام أي: المضيء, وكان الملوك يخاطبون بلقب "مزود" أي: مقدس أو "كبر" أي: العظيم أو الكبير. وقد ظهرت دولة المعينيين في المنطقة السهلة "أي: الجوف" بين نجران وحضرموت حيث كان المعينيون يشتغلون بالتجارة ويسيطرون على الطرق التجارية بين الشمال والجنوب, ثم ازداد نفوذهم السياسي حتى بلغ شمال الحجاز فدخلت معان وديدان "العلا" في نطاق نفوذهم كما تشير إلى ذلك النصوص المعينية والكشوف الأثرية التي عثر عليها