الآخر، وهكذا نجد أن "لوجال زاجيري"١ يدعي أنه غزا سورية ووصل "سرجون" الأكدي في فتوحاته إلى لبنان، وما إن تحررت أرض الجزيرة وشمال سورية من الأكديين؛ حتى خضع الجزء الشمالي من سورية للحوريين، وبعدئذٍ تمكن "نارام سن" من السير في فتوحاته شمالًا؛ حتى أخضع حلب ولم يقتصر نشاط العلاقات بين القطرين على سياسة التوسع؛ فقد قامت بينهما علاقات تجارية من أقدم العصور, وخير مثال لذلك ما قام به "جوديا" حاكم لجش من إحضار خشب الأرز من لبنان.
وعندما ازدادت قوة الساميين الغربيين "الأموريين" الذين كانوا يقطنون في الإقليم السوري, زحفوا على طول نهر الفرات، وأصبحوا حكامًا لكثير من بقاع بلاد النهرين, ولكن لم يلبث "حامورابي" أن أخضعهم لسلطان بابل ولو أنه هو نفسه كان أصلًا من الأموريين. وما إن انتقلت السيادة في بلاد النهرين إلى الأشوريين حتى وجدوا أن الآراميين أصبحوا يتركزون على الجانب الأيمن للفرات؛ ولذا عمد ملوكهم الأقوياء إلى فرض سلطانهم على هؤلاء الآراميين؛ بل وتوسعوا غربًا حتى وصلوا إلى البحر المتوسط، ولم تكد بضع الدويلات السورية القائمة أن تفيق من ضربات الأشوريين المتلاحقة بعد سقوط آشور حتى تعرضت من جديد لغزوات الكلدانيين.
ولم تكن آسيا الصغرى في علاقاتها بالإقليم السوري أقل شأنًا من غيرها؛ بل ويمكن أن نعد الجزء الجنوبي منها -وهو الواقع خلف جبال طوروس- امتدادًا للإقليم السوري؛ ولذلك نجد تشابها في حضارتهما منذ العصر الحجري الحديث، وقد وجدت دولة الحيثيين "سكان آسيا الصغرى" فرصة للتوسع في الإقليم السوري؛ حيث بدءوا بالقضاء على مملكة يامخاد الأمورية ودمروا