ولم يكن طهرقة متأهبًا للقائه فوصل الجيش الأشوري إلى الوجه البحري واضطر طهرقة إلى التحصن بمنف؛ ولكن الأشوريين أسرعوا وراءه وهزموا الجيش المصري وفتحوا منف؛ ففر طهرقة إلى طيبة في الجنوب واستعمر الأشوريون الدلتا، ثم عاد أسرحدون إلى بلاده حيث أصيب بمرض مات على أثره.
وحدث اختلاف على العرش من جديد, وانتهى هذا الاختلاف بتعيين أشور بانيبال ملكًا؛ بينما عين أخاه الأكبر ملكًا على بابل، ولم يكد أشور بانيبال يجلس على العرش حتى وصلت أنباء ثورة المصريين ضد أشور؛ وذلك لأن بعض الأمراء اتفقوا مع طهرقة على أن يعود هذا الأخير إلى الدلتا ويقتسم السلطة معهم١، فجرد أشور بانيبال حملة كبيرة سارت إلى مصر، ولم تكتفِ هذه الحملة باحتلال الدلتا؛ بل سارت إلى طيبة وخربتها وعاد طهرقة إلى عاصمته في النوبة العليا "نباتا" وبقي بها إلى أن مات، ومع ذلك لم يبقَ الأشوريون بمصر طويلًا بل عادوا إلى بلادهم واكتفوا بأخذ الجزية؛ فلما تولى عرش نباتا "تانويت أماني" عاد إلى احتلال مصر من جديد, ولم يجد أشور بانيبال بدًّا من أن يرسل جيشًا إلى مصر؛ فاضطر تانويت أماني إلى الفرار إلى عاصمته نباتا, وخرب الجيش الأشوري طيبة للمرة الثانية. وقد استمر التعاون بين أشور بانيبال وأخيه ملك بابل نحو عشرين عامًا؛ ولكن هذا الأخ ثار بعد ذلك فجرد أشور بانيبال حملة تأديبية ضده تمكنت من القضاء عليه وفتحت بابل عنوة, وبعدئذٍ تقدم الأشوريون جنوبًا وأخضعوا القبائل العربية والآرامية التي ساعدت بابل في ثورتها, وهاجموا العيلاميين وفتحوا عاصمتهم سوسة كذلك.
وبعد وفاة أشور بانيبال حدثت منازعات حول العرش, وتمكن بعدها ولده "أشور - إتل - إيلاني" من الفوز به؛ ولكنه كان ضعيفًا فانفصلت عن المملكة