في مد سلطانه نحو الشمال حتى وصل إلى الاحتكاك بقبائل جوتي، وقد أثرى بلاده بالغنائم التي حصل عليها وشيد الكثير من المباني، ولما مات "نارام سين" أعلن استقلاله وهاجم بابل نفسها حتى وصل إلى أكد؛ ولكنه رد عنها بصعوبة, ومع ذلك فقد احتفظ باستقلاله عن بابل التي أخذت في الضعف تدريجيًّا، واتجهت إليها الأنظار وخاصة بعد نجاح "بوزور أنشوشناق" فغزتها قبائل اللولوبي والجوتي الواحدة بعد الأخرى؛ واللولوبي كانوا يعيشون في المنطقة التي تمتد من شرق بغداد الحالية إلى كرمانشاه وحمدان وطهران, أما الجوتي فكانوا يعيشون في المنطقة الممتدة بين وادي زاب الأدنى والحوض الأعلى لنهر ديالة, وقد تخلصت بابل بعد ذلك من سيادة الجوتيين بقيام أسرة جديدة في أور تمكنت فضلًا عن ذلك من إخضاع سوسة وما حولها تحت سلطانها؛ ولكن هذه المملكة الجديدة لم يقدر لها البقاء طويلًا, فبعد مرور نحو قرن من الزمان هاجمتها مملكة "سيماش""في الجبال الغربية من أصفهان" وهزمت ملكها وحملته أسيرًا إلى الجبال, وأصبحت "سيماش" صاحبة السلطان في سوسة وعيلام، ثم حدث رد فعل جديد حيث تكونت أسرة أيسين التي طردت "سيماش" واستولت على عيلام.
وهكذا نجد أن دور إيران في تاريخ غربي آسيا قد زادت أهميته في أثناء الألف الثالث قبل الميلاد، وكان ملوك بلاد النهرين يهدفون في حروبهم ضدها إلى غرضين: سياسي يتلخص في ضمان عدم قيام دولة قوية على حدودهم حتى لا تهدد كيانهم السياسي، واقتصادي يقصد من ورائه تحويل موارد الثروة من إيران إلى بابل.
ولا يعرف شيء عن الأحوال السياسية في المناطق الداخلية من إيران ولا مدى توغل العيلاميين واللولوبيين والجوتيين في المناطق التي تقع إلى الشرق من تلك التي أشرنا إليها؛ ففي سيالك توجد فجوة أثرية تمثل فترة استمرت ما يقرب من ألفي عام لا نعرف ماذا حدث خلالها؛ ولكن في جيان يبدو