ومن المرجح أن هذه الصناعة استمرت في مصر فترة أطول من استمرارها في أوروبا؛ ولكنها أخذت تتطور وتنوعت أدواتها لتفي بأغراض الإنسان المتزايدة وصغرت في حجمها واتخذت أشكالًا هندسية أي: إن الصناعة في مصر في أواخر هذا العهد تميزت بمميزات خاصة؛ ولذا أطلق عليها اسم الصناعة الموستيرية المصرية أو "ما قبل السبيلية"١.
والواقع أن هذه الحضارة تمثل مرحلة مبكرة من حضارة الدور الحجري القديم الأعلى في مصر، ويرى البعض أن الحضارة العاطرية "التي ظهرت صناعاتها في الواحات الخارجية والفيوم خلال هذا الدور" ما هي إلا مظهر من مظاهر الحضارة الموستيرية المصرية؛ بينما يرى فريق آخر من الباحثين أن الحضارة السبيلية هي التي تعد مظهرًا من مظاهر الحضارة العاطرية وأنها ظهرت بعدها؛ ولكن لا يمكن تأكيد أي الرأيين بصفة قاطعة.
ولم يعثر على بقايا يستدل منها على جنس الإنسان الذي عاش في مصر خلال هذه الفترة وإن كان من المرجح أن الإنسان الحديث كان قد أخذ يعيش في وادي النيل بالفعل، كما يستدل على ذلك من أدواته المتقدمة التي تركها خلافًا لما عرف في أوروبا؛ حيث ظل إنسان نياندرثال يعيش في كهوفها طوال هذا العصر, ولكنه انقرض بعد ذلك وحل محله الإنسان الحديث في العصر التالي أي: الدور الحجري القديم الأعلى.
١ الحضارة السبيلية نسبة إلى قرية السبيل قرب كوم أمبو وسنشير إلى هذه الحضارة فيما بعد، انظر ص٥٧-٥٩.