للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"الأغفال" ذكر فيه ما أغفله شيخه الزجاج تعقبه ابن خالويه عائبا ما ارتآه الفارسي، فلم يسع الفارسي انتصارا لنفسه إلا أن يصنف كتابا آخر يفند فيه تعقبات ابن خالويه سماه "نقض الهاذور"، ثم عاد إلى فارس ولقي من عضد الدولة البويهي "فناخسرو" بن ركن الدولة "حسن بن بويه" فوق الأمل، فقد كان عضد الدولة يفخر أنه غلامه، ولما ألف له كتاب "الإيضاح" استصغره فأردفه مغيظا بكتاب "التكملة" فقال: "غضب الشيخ وجاء بما لا نفهمه نحن ولا هو"، وقد اتبع أبو علي في الإيضاح السابقين قبله في شواهده، فلم يعتمد على شعر المحدثين في أحكامه، بيد أنه استشهد في باب "كان" ببيت لأبي تمام وهو قوله:

من كان مرعى عزمه وهمومه ... روض الأماني لم يزل مهزولا١

وهذه الملاحظة عدت عليه، لكن قالوا الحامل عليها أن عضد الدولة كان كثير الإنشاد لهذا البيت، فاعتماد الفارسي عليه مجاراة له في تقديره لحكمة البيت. هذا؛ وكما كان ابن خالويه واجدا على الفارسي كذلك السيرافي كان حاقدا عليه، وتلك سنة المعاصرة بين أهل الفضل، ومن مصنفات الفارسي أيضا التذكرة، والمسائل الحلبية، والبغدادية، والشيرازية، والحجة في القراءات وغيرها، توفي بعد حياة حافلة بالدراسة والتأليف ببغداد سنة ٣٧٧هـ عن نيف وتسعين سنة.

٤- الرماني: هو أبو الحسن علي بن عيسى، نشأ بالرمان "بمدينة واسط" ثم وفد إلى بغداد فأخذ عن الزجاج وابن دريد وابن السراج وغيرهم، ونبغ في العربية مؤيدا المذهب البصري مع ميل إلى الفلسفة لأنه معتزلي، وظهر ذلك في دراسته وتأليفه حتى قال الفارسي: "إن كان النحو ما يقوله الرماني فليس معنا منه شيء وإن كان النحو ما نقوله فليس معه منه شيء"، ومن مؤلفاته في النحو شرح كتاب سيبويه، وشرح مقتضب المبرد،


١ البيت من قصيدة في مدح نوح بن عمر الكسكي من كندة.

<<  <   >  >>