وبالتالى قد تقتضي الشروح تفصيلا لما أجمل فيه فكانت بعض الحواشي، فما أجدر عهد المماليك بتسميته عهد المتون والشروح، وسيتبين لك عند تراجم علمائه أن معظم مؤلفاتهم متون وشروح، فقلما ترى حاشية لمؤلف منهم، كل ذلك والأقطار الإسلامية الأخرى منصرفة عن هذا العلم وغيره، ترزح تحت نير الظلم من ملوك لا تحنو على اللغة وعلومها ولا تربطها بها أسباب، فإن المطالع لصفحات تاريخ النحويين لهذا العهد لا تكاد تقع عيناه عليهم إلا متوطنين بالقطرين إما نازحين إليهما أو مولودين بهما، فمما لا مرية فيه أنه لولا القطران في هذا الأمد لانقطعت الصلة بين النحو قديمه وحديثه، ولكان له نظام آخر -تلك هي حالة هذا العلم ورجاله- وهاك بعض مشهوريهم مع الترتيب الزمني في وفياتهم:
١- ابن الناظم: هو محمد بدر الدين بن محمد، ولد بدمشق فأخذ عن أبيه ونشأ حاد الذهن إلا أنه غلبت عليه معاشرة الشذاذ فأقصاه أبوه فأقام في "بعلبك" وانتفع الناس بعلمه، وكانت له مشاركة في علوم كثيرة، ومن مؤلفاته النحوية شرحه على "ألفية" والده.
نبذة عن شرح ابن الناظم:
يغلب على الظن أنه أول شرح على الألفية مهد السبيل لمن شرحوا الألفية بعده، نقلوا عنه وعنوا ببسط ما فيه حتى امتاز أن يصير علما بالغلبة "للشارح" إذا أطلق في هذه المصنفات، وقد تعقب ابن الناظم أباه كثيرا، دون هوادة، انظر باب "المفعول المطلق والتنازع والصفة المشبهة"، وربما حمله التعقب إلى الإتيان ببيت بدل بيت الناظم، ففي باب التنازع رأى أن قول أبيه:
بل حذفه الزم إن يكن غير خبر ... وأخرنه إن يكن هو الخبر
يفيد أن ضمير المتنازع فيه إن كان المفعول الأول في باب ظن يجب حذفه مع أنه لا فرق بين المفعولين، فاستصوب أن يقول بدله: