للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأرض خليفة لم يكن بد من إخراج آدم من الجنة فكان من أسباب إخراجه النهي عن تلك الشجرة، وتخليته بينه وبين عدوه حتى وسوس إليه بالأكل، وتخليته بينه وبين نفسه حتى وقع في المعصية، قال الله تعالى:

{وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ * قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: ١٩- ٢٣] (١) .

ومن الحكمة في إخراجه من الجنة إظهارُ كمال أسماء الله الحسنى وإن كان لم يزل كاملاً فمن كماله ظهور آثار كماله في خلقه وأمره.

فإنه الملك الحق المبين، والملك هو الذي يأمر وينهي ويكرم


(١) لما قاسمه عدو الله أنه ناصح، وأخرج الكلام على أنواع متعددة من التأكيد ١- القسم.٢- الإتيان بالجملة الإسمية. ٣- تصديرها بأداة التأكيد. ٤- الإتيان بلام التأكيد في الخبر. ٥- الإتيان به اسم فاعل، لا فعلا دالًا على الحدث. ٦- تقديم المعمول على العامل ولم يكن آدم يظن أن أحدًا يقسم بالله كاذبًا يمين غموس يتجرأ فيها على الله هذه الجرأة، فغره عدو الله بهذا التأكيد والمبالغة فظن آدم صدقه، وأنه إن أكل منها لم يخرج من الجنة، ورأى أن الأكل وإن كان فيه مفسدة فمصلحة الخلود أرجح، ولعله يأتي له استدراك مفسدة النهي أثناء ذلك. إما باعتذار، وإما بتوبة، أو بغير ذلك (الصواعق ٣٧١) .

<<  <   >  >>