للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الألوان وأشدها موافقة للبصر وتقوية له (١) .

وهذه «الشمس» أكبر من الأرض بأكثر من مائة مرة إذا فكرت في طلوعها وغروبها لإقامة دولتي الليل والنهار، ولولا طلوعها لبطل أمر هذا العالم؛ فكم في طلوعها من الحكم والمصالح، وكيف كان حال الحيوان لو أمسكت عنهم وجعل الليل عليهم سرمدًا والدنيا مظلمة عليهم؛ فبأي نور كانوا يتصرفون ويتقلبون، وكيف كانت تنضج ثمارهم، وتكمل أقواتهم، وتعتدل صورهم وأبدانهم فالحِكَمُ في طلوعها أعظم من أن تخفى أو تحصى.

ولكن تأمل الحكمة في غروبها فلولا غروبها لم يكن

للحيوان هدوء ولا قرا مع شدة حاجتهم إلى الهدوء لراحة أبدانهم وإجمام حواسهم. وأيضًا لو دامت على الأرض لاشتد حموها بدوام طلوعها عليها فأحرق كل ما عليها من حيوان ونبات، فاقتضت حكمة الخلاق العليم والعزيز الحكيم أن جعلها تطلع عليهم في

وقت وتغيب في وقت بمنزلة سراج يرفع لأهل الدار مليًا ليقضوا مآربهم ثم يغيب عنهم مثل ذلك ليقروا ويهدءوا وصار ضياء النهار وحرارته وظلام الليل وبرده على تضادهما وما فيهما متظاهرين


(١) حتى أن من أصابه شيء أضر ببصره يؤمر بإدمان النظر إلى الخضرة، وما قرب منها إلى السواد.
قلت: فالسموات التي وصفها الله سبحانه في القرآن بأنه بناها وأنها سقف محفوظ إلى آخر ما ذكر عنها في القرآن والسنة هي التي نراها بأعيننا خضراء؛ ليست هي النجوم والمجرات إلخ. {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} [ق: ٦] فهي مبنية، والنجوم زينة لها- العطف يقتضي المغايرة- ولو كانت هي هذه النجوم لكانت كلها فروج.

<<  <   >  >>