كائن، ومن كان على نور من ربه فسر القرآن بالقرآن، وأعاد هذا إلى قوله:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} وقوله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} وقوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ} .
وأول من تكلم بالقدر وان الأمر أنف، معبد الجهني، الذي في البصرة، قاله يحيى بن يعمر قال فخرجت أنا وحميد بن عبد الرحمن نريد مكة فقلنا لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقوله معبد فلقينا عبد الله بن عمر رضي الله عنه فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، فعلمت أنه سيكل الكلام إليّ فقلت أبا عبد الرحمن أنه قد ظهر قبلنا ناس يتقفرون هذا العلم ويطلبونه يزعمون أن لا قدر انما الأمر أنف، قال فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم مني برآء، والذي نفسي بيده لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه في سبيل الله ما قبل الله منه شيئاً حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، ثم ساق حديث جبريل الذي رواه عمر بن لخطاب رضي الله عنه، ومما يتخيل ويشبه أن يكون من المتشابه قوله تعالى:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} ليسوا من عباده تعالى وقد قال: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} ومحكم هذا وأمه قوله إلا عبادك منهم المخلصين فهم المقيد بم هذا الإطلاق، وهذا واسع في كلام الخلاق، ويشبه في الآية ان المخلص لا سبيل للشيطان إليه البتة وليس كذلك إنما ليس له سلطان ان يتمكن من المخلص فيرتكب ذنباً لا يغفر، محكمه قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا} وقوله: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} وقوله: {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} وهؤلاء هم عباد الله المخلصون وهذا واسع في كلام رب العالمين، ومنه قوله تعالى:{وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} يفهم منه عموم الاستغفار فيرد إلى محكمه وهو قوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا....} الآية فإنه لم يأذن الله للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين والله لا يغفر أن يشرك به، وهذا تفسير القرآن بالقرآن فانه التبيان، ومنه قوله:{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} من قصر فهمه خيل أن التمام الانقضاء والانتهاء فيرد إلى محكمه: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} فهذه الآية تدل من لا زيغ في قلبه ان قوله وتمت كلمة ربك معناه قوله الحق الكامل بكل مقصد