وذكر أنه بدعة. ونقل تلاوة هذه الآية عن مالك باطل وان ثبت أصل ما نقله عياض تقديراً فإن كلام مالك المنصوص عنه وعن أمثاله ينافي هذا ولم يذكره أحد من الأئمة الأربعة فيما فعله ولا ذكر أحد منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يسأل بعد الموت لا استغفاراً ولا غيره، وإنما يعرف مثل هذا فيما ذكره طائفة من متأخري الفقهاء عن أعرابي أنه أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وتلا هذه الآية وأنشد بيتين:
أبيات الأعرابي عند المرقد النبوي
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم
وقد ذكر ذلك صاحب المواهب اللدنية أيضاً. ولهذا استحب طائفة من متأخري الفقهاء استغفار الله في حضرة القبر وتلاوة هذه الآية عنده محتجين بهذه الحكاية التي لا يثبت بها حكم شرعي لاسيما في مثل هذا الأمر الذي لو كان مشروعاً مندوباً لكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون أعلم به وأولى بالعمل من غيرهم، فان العبادات مبناها التوقيف، ولاسيما إذا نسب أمر إلى هديه وشرعه وسنته، والعقل لا مدخل لاستحسانه واستقباحه في الدين، وليس كل من قضيت حاجته بسبب يقتضي أن يكون السبب مشروعاً مأموراً به، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل في حياته المسألة فيعطيها لا يرد سائلاً، وتكون المسألة محرمة في حق السائل، حتى قال صلى الله عليه وسلم:"إني لأعطي أحدهم العطية فيخرج بها يتأبطها ناراً" قالوا: يا رسول الله فلم تعطهم قال: "يأبون إلاَّ أن يسألوا ويأبى الله لي البخل" ومعلوم أن مالكاً من أعلم الناس بمثل هذه الأمور فإنه مقيم بالمدينة يرى ما يفعله التابعون وتابعوهم ويسمع ما ينقلونه عن الصحابة، وأكابر التابعين، وهو ينهى عن الوقوف على القبر للدعاء ويوبخ فاعله، ويذكر أنه لم يفعله السلف فكيف ينهى عن