للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك ثم كأمر به، وهذا أمر توقيف لا اجتهاد فيه، وقد أجدب الناس على عهد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فاستسقى بالعباس، ففي صحيح البخاري عن أنس بن مالك "أن عمر رضي الله عنهما استسقى بالعباس وقال اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون" فاستسقوا به كما كانوا يستسقون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته فهم يتوسلون بدعائه لهم فيدعو لهم ويدعون معه كالإمام والمأموم من غير أن يقسموا على الله بمخلوق، ولا كانوا يأتون القبر فيدعون عنده بل كانوا يستسقون بأهل الصلاح الأحياء، لأن المقصود دعاؤهم لا ذاتهم، وإذا كانوا من أقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أفضل. ولهذا حكى البخاري رحمه الله تعالى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه رسول صلى الله عليه وسلم فيستسقي على المنبر فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب:

وأبيض يستقي الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل

إذا علم ذلك فإن السلام على النبي صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى حضور قلب وأدب، ومنه وقوفه عن القبر مقدار أربعة أذرع والصحيح قبالة وجهه صلى الله عليه وسلم مستدبر القبلة مطرقاً رأسه غاض البصر كأنه يرى النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه. ويقول السلام عليك يا رسول الله، كان ابن عمر لا يزيد على ذلك. وكان بعض الصحابة يزيد النطق بالشهادتين والصلاة عليه ويقول أشهد أنك بلغت رسالة ربك، ونصحت لأمتك، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وعبدت الله حتى أتاك اليقين فصلى الله عليك كثيراً كما يحب ربنا ويرضى، وان قال اللهم آته الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته فحسن، ثم إذا فرغ يتقدم قليلاً من مقام سلامه نحو ذراع عن يمينه ويقول السلام عليك يا أبا بكر الصديق، السلام عليك يا عمر الفاروق، السلام عليكما يا صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفتيه وضجيعيه، اللهم اجزهما عن نبيهما وعن الإسلام خيراً سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار. ثم ينصرف مستقبل القبلة.

(وإما غير المشروع) فهو قصده للدعاء واتخاذه عيداً بالاجتماع عنده والسفر

<<  <   >  >>