ويخبروا أن الأمر كله لله فلا يجعل لغيره تعالى ما هو مختص بجلاله من عبادته ومعاملته التي منشؤها القلب والاعتقاد، ولقد زاد هؤلاء على أولئك بأشياء كثيرة لو لم يكن منها إلاَّ اعتقاد كشف الضرر وجلب الخير فيما تعلقوا فيه وعلقوه على أنفسهم ودوابهم وحروثهم لكفى، فإنهم يتوكلون على ما علقوه وتعلقوه ويسندون كشف الضر وجلب الخير إليه وأنه لولاه لنزل به البلاء أو لوجدت الشدة أو لضرته العين أو لنزلت به، لكن هي التي رفعت ذلك كله، أو هي الدافعة له، أو هي التي رفعته، ونحو ذلك من المعتقدات التي لم توجد إلاَّ عند هؤلاء المعتقدين المفتونين في عبادة الشياطين وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ولو لم يعتقدوا فيهم ما اعتقدوه من هذا الاعتقاد الباطل لما علقوه وتعلقوه، ومعلوم أن من لم يعتقد ذلك لم يكن ليفعله ولا ليرضى به ومع تقدير فعله من غير اعتقاد فيه ولا رضي به لا يكفر ولا نكفره نحن كما زعمه صاحب المقدمة بل حمله ذلك وتعليقه حرام والفاعل آثم، فنحن ننهى عن ذلك ونغلظ فيه، ويجب على العالم أن ينهى الجاهل عن ذلك ويحذر منه، إنما الرزية كل الرزية تغافل العالم عن الجاهل وعدم نهيه ونصحه عما يضره من ذلك فإن وزر العالم أكبر من وزر الجاهل وأعظم وأفحش حيث فعلها هو بنفسه أو رأى من يفعلها جاهلاً بها ولم ينبه عليها ويبين له فيها، فويل للعالم من الجاهل وويل له، كما قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ولم يكن هؤلاء العلماء الذين نعرفهم واجتمعنا بهم وجمعنا عنهم أنهم لا ينهون عن ذلك، بل قد استقر عندهم وفي نفوسهم أن من نهى عنه وعابه فهو وهابي أو عارضي أو شرقي وان لم ينسبوا ذاته بل عقيدته فتسافهوا عن الحق وأعرضوا عنه تكبراً وتجبراً وحسداً وبغياً والله يقول:{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وهذا عمر بن الحطاب رضي الله عنه لما أراد تحجير النساء أن يزدن في صداقهم على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم قامت إليه امرأة وهو على منبره في مجمع الناس فقالت كيف تمنعنا يا أمير المؤمنين وقد قال الله: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً} فقال جهراً امرأة أصابت ورجل أخطأ، فالحق أحق أن يتبع، وهو ضالة المؤمن أينما وجدها التقطها، وعلى العلماء البلاغ والتبليغ والعلم والتعليم لا المعاندة والطعن في الحق والدين، ومثل المصر على ما ارتكبه المتغرر فيما اجترحه من اتباع هواه وعموم بلواه مع الناصح له المشفق عليه من عمله واتباع