للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه غيري تركته وشركه" وله أيضاً من حديث أبي سعيد مرفوعاً: "ألا أخبركم بما هو أخوف عندي عليكم من المسيح الدجال قالوا بلى يا رسول الله قال الشرك الخفي يقوم الرجل فيصلي فيحسن صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه" وأخرج أبو يعلى عن ابن مسعود مرفوعاً: "من حسَّن الصلاة حيث يراه الناس وأساءها حيث يخلو فتلك استهانة استهان بها ربه عز وجل" وأخرج الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث أبي سعيد بن أبي فضالة الأنصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه نادى مناد من كان أشرك في عمل عمله لله أحداً فليطلب ثوابه من عند غير الله فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك" وأخرج البزار بإسناد لا بأس به عن أنس مرفوعاً: "تعرض أعمال بنوا آدم بين يدي الله عز وجل في صحف مختمة فيقول الله ألقوا هذا واقبلوا هذا كقول الملائكة يا رب والله ما رأينا منه إلاَّ خيراً فيقول ان عمله كان لغير وجهي ولا أقبل من العمل إلاَّ ما أريد به وجهي".

إذا علم ذلك فالمشركون في هذا الباب يتفاضلون فيه تفاضلاً عظيماً كتفاضل المؤمنين في حقيقة الإيمان وتفاضلهم فيه بحسب مقاصدهم، ولهذا كان الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل، والقيام بحق العبودية إنما يتم بانقطاع القلب إلى الله وتعلقه به، فكلما التفت العبد إلى غيره وأعرض عنه كان فيه من العبودية لذلك الغير بحسب تعلقه به وانقطاعه إليه، ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش ان أعطي رضى وإن لم يعط سخط" فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الدرهم وعبد الدينار وعبد القطيفة وعبد الخميصة وذكر فيه ما هر بصيغته وخبر بمعناه، والانتقاش إخراج الشوكة مما هي فيه، وهذه حال من عبد المال وأمتعة الدنيا فرغب فيها ومال إليها وأعرض عن الله لم يفلح وإذا أصابه شر لم يخرج منه لكونه تعس وانتكس هلك وخاب فلا نال المطلوب ولا خلص من المكروه وقد وصف ذلك بأنه إذا أعطي رضي وإذا منع سخط كما قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} لغير الله فرضاهم وسخطهم لغير الله، وهذا حال عبد ما يهواه من ذلك فهو رقيق له

<<  <   >  >>