للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومشابهة بعضه بعضاً، ولكن كان هو وأمثاله كما قدمت، مضطربين لا يثبتون على قول ثابت، لأنه ليس عندهم من الذكاء والطلب ما يتعرفون به إلى طريق خاصة هذه الأمة من الذين ورثوا من الرسول العلم والإيمان، وهم أهل حقائق الإيمان والقرآن وهم أهل الفهم لكتاب الله والفهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا كان أبو عمرو "ابن الصلاح" يقول فيما رأيت بخطه: أبو حامد كثر القول فيه، فأما هذه الكتب-يعني المخالفة للحق- فلا يلتفت إليها، وأما الرجل فيسكت عنه ويفوض أمره إلى الله، ومقصوده أنه لا يذكر بسوء، لأن عفو الله من الناسي والمخطئ وتوبة المذنب تأتي على كل ذنب ولأن مغفرة الله بالحساب منه ومن غيره وتكفيره الذنوب بالمصائب تأتي على محق الذنوب، فلا يقدم الإنسان على انتفاء ذلك في حق معين إلا ببصيرة ولا سيما مع كثرة الإحسان والعلم الصحيح، والعمل الصالح والقصد الحسن، وهو رحمه الله يميل إلى الفلسفة لكنه أظهرها في قالب التصوف والعبارات الإسلامية، ولهذا رد عليه علماء المسلمين حتى أخص أصحابه أبو بكر بن العربي المالكي قال فيه: أبو حامد دخل في بطن الفلاسفة ثم أراد أن يخرج منه فما قدر، ورد عليه أبو عبد الله المازري وأبو بكر الطرطوشي وأبو الحسن "المرغيناني" رفيقه، والشيخ أبو البيان، والشيخ أبو عمرو بن الصلاح وحذر من كلامه في ذلك، وأبو زكريا "النواوي" وابن عقيل، وابن الجوزي، وأبو محمد المقدسي، وغيرهم.

وأما كتابه الإحياء فمنه ما هو مردود عليه، ومنه ما هو مقبول، ومنه ما هو متنازع فيه، وفيه فوائد كثيرة ولكن فيه موارد مذمومة، فإن فيه موارد فاسدة من كلام الفلاسفة، تتعلق بالتوحيد والنبوة والمعاد،، فإذا ذكرت معارف الصوفية كان بمنزلة من أخذ عدوا للمسلمين فألبسه ثياب المسلمين، وقد أنكر أئمة الدين على أبي حامد هذا في كتبه، وقالوا أمرضه الشفاء١، وفيه أحاديث وآثار موضوعة وفيه أشياء من أغاليط الصوفية، وفيه أشياء من كلام العارفين المستقيمين، وفيه من أعمال القلوب الموافق للكتاب والسنة، ما هو أكثر مما يرد منه، فلهذا اختلف فيه اجتهاد الناس٢- انتهى ملخصاً-


١ كتاب لابن سينا.
٢ راجع كتابي "حجة الإسلام في قفص الاتهام". ومن الواجب بيان أخطاء الغزالي حتى تجتنب، وحسابه على ربه.

<<  <   >  >>