إلى مصر والشام ومنهم من ذهب إلى اسلامبول يشتكون من الوهابي، ويستغيثون بالدولة في خلاص الحرمين لتعود لهم الحالة التي كانوا عليها من إجراء الأرزاق واتصال الصلات، والنيابات والخدم في الوظائف التي بأسماء الدولة كالفراشة والكناسة ونحو ذلك، ويذكرون أن الوهابي استولى على ما كان بالحجرة الشريفة من الذخائر والجواهر. نقلها وأخذها فيرون أنّ أخذه لذلك من الكبائر العظام.
وهذه الأشياء أرسلها ووضعها سخفاء العقول من الأغنياء والملوك والسلاطين والأعاجم وغيرهم. إما حرصاً على الدنيا وكراهة أن يأخذها من يأتي بعدهم. أو لنوائب الزمان. فتكون مدخرة ومحفوظة لوقت الاحتياج إليها. فيستعان بها على الجهاد. ودفع الأعداء. فلما تقادمت عليها الأزمنة، وتوالت عليها السنون والأعوام الكثيرة –وهي في الزيادة- رصدت معنى لا حقيقة، وارتسم في الأذهان حرمة تناولها، وأنّها صارت مالاً للنبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لأحدٍ أخذها ولا إنفاقها والنبي عليه الصلاة والسلام منزه عن ذلك ولم يدخر شيئاً من عرض الدنيا في حياته وقد أعطاه الله الشرف الأعلى. وهو الدعوة إلى الله تعالى والنبوة والكتاب. واختار أن يكون نبياً عبداً، ولم يختر أن يكون نبياً ملكاً وثبت في الصحيحين وغيرهما أنّه قال:"اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً".
وروى الترمذي بسنده عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"عرض عليّ ربي ليجعل لي بطحاء مكّة ذهباً. قلت لا يارب. ولكن أشبع يوماً وأجوع يوماً – أو قال: ثلاثاً. أو نحو ذلك فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك وإذا شبعت شكرتك وحمدتك".
ثم إن كانوا وضعوا هذه الذّخائر والجواهر صدقة على الرسول. ومحبّة فيه. فهو فاسد لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنّ الصدقة لا تنبغي لآل محمد.. إنما هي أوساخ الناس" ومنع بني هاشم من تناول الصدقة وحرمها عليهم..