للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمراد الانتفاع في حال الحياة لا بعدها فإن المال أوجده المولى سبحانه وتعالى من أمور الدنيا لا من أمور الآخرة قال تعالى: {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ} وهو من جملة السبعة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} . فهذه السبعة بها تكون الخبائث والقبائح وليست هي في نفسها أموراً مذمومة – بل قد تكون معينة على الآخرة إذا صرفت في محلها.

وعن مطرف عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} ، قال: "يقول ابن آدم مالي مالي. فهل لك يا بن آدم من مالك إلاّ ما أملكت فأفنيت، أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت" إلى غير ذلك.

ومحبة الرسول بتصديقه واتباع شريعته وسنّته لا بمخالفة أوامره، وكنز المال بحجرته وحرمان مستحقيه من الفقراء والمساكين، وباقي الأصناف الثمانية.

وإن قال المدّخر: اكنزها لنوائب الزمان ليستعان بها على مجاهدة الكفار والمشركين عند الحاجة إليها قلنا: قد رأينا شدة احتياج ملوك زماننا، واضطرارهم في مصالحات المتغلبين عليهم من قادة الإفرنج وخلو خزائنهم من الأموال التي أفنوها بسوء تدبيرهم وتفاخرهم ورفاهيتهم.

فيصالحون المتغلبين بالمقادير العظيمة بكفالة أحد الفرق من الإفرنج المسالمين لهم واحتالوا على تحصيل المال من رعاياهم بزيادة المكوس والمصادرات والطلبات. والاستيلاء على الأموال بغير الحقّ. حتى أفقروا تجارتهم ورعاياهم. ولم يأخذوا من هذه المدّخرات شيئاً.. بل ربما كان عندهم أو عند خونداتهم جوهر نفيس من بقايا المدخرات فيرسلونه هدية إلى الحجرة، ولا ينتفعون به في مهماتهم، فضلاً عن إعطائه لمستحقّه من المحتاجين، وإذا صار في ذلك المكان لا ينتفع به أحد.. إلاّ ما يختلسه العبيد المخصيون الذين يقال لهم أغوات الحرم.

<<  <   >  >>