قال رحمه الله:(وعرفت الشرك بالله الذي قال فيه: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ}[النساء:٤٨] ) ، هذا فيه الترهيب والتحذير من الشرك، فإن الشرك أمره عظيم، فهو أظلم الظلم كما قال الله سبحانه وتعالى:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان:١٣] ، وكما قال صلى الله عليه وسلم:(أن تجعل لله نداً وهو خلقك) ، فالشرك أمره عظيم عند الله، ولذلك لم يجعله الله سبحانه وتعالى قابلاً للغفران إلا بالتوبة منه والإقلاع عنه، (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ) ، وهذه الآية لا إشكال أن الشرك الأكبر داخل فيها، فإنها تدل على أن الشرك الأكبر لا يغفره الله سبحانه وتعالى إلا بالإقلاع عنه والتوبة منه.
أما الشرك الأصغر فقد اختلف أهل العلم في دخوله في هذه الآية على قولين: منهم من قال: إن الآية تشمل الشرك الأصغر، فالشرك الأصغر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهذا لا يلزم منه أن يكون صاحب الشرك الأصغر مخلداً في النار، بل يعذب بحسب ما معه من الشرك الأصغر، حتى إذا طهر دخل الجنة.
والقول الثاني: أن الآية لا تشمل الشرك الأصغر، وهذا الأخير هو قول ابن القيم رحمه الله كما صرح به في أكثر من موضع، وهو أحد قولي شيخ الإسلام رحمه الله، والقول الثاني له دخول الشرك الأصغر في الآية، أي: أن الله لا يغفر الشرك الأصغر ولا الشرك الأكبر إلا بالتوبة منهما والإقلاع عنهما، وعلى كلٍ فالشرك أمره خطير، فيجب على العبد أن يتقي الله سبحانه وتعالى وينأى عنه، وأن يكثر من قول:(اللهم! إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم) .