قال الشيخ رحمه الله:[بسم الله الرحمن الرحيم] تقدم لنا أن البسملة متعلقة بفعل مقدر مناسب لحال الذاكر مؤخرٍ غالباً، وذكرنا غالباً لأجل أي شيء؟ لإخراج ما قدم فيه الفعل أو المتعلق قبل البسملة، مثل قوله تعالى:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:١] فإنه قدم الفعل على البسملة وذلك لأهمية الأمر، وأيضاً في مثل قوله:{إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[النمل:٣٠] ، فبين مصدر الرسالة قبل البسملة لأهمية هذا الأمر، وإلا فالغالب أن الفعل يكون مؤخراً، وفهم هذا يفيدك لأن البسملة ترد في كل كتاب.
قال رحمه الله:[اعلم -رحمك الله- أن التوحيد هو إفراد الله بالعبادة] افتتح رحمه الله رسالته بتعريف التوحيد، فقال: التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، وهذا التعريف هو لأهم أنواع التوحيد؛ فإن أهم أنواع التوحيد هو توحيد الإلهية، الذي دعت إليه الرسل، وجاءت به الأنبياء، فإن الرسل دعت إلى إفراد الله بالعبادة، وإن كانت قد دعت إلى توحيد الربوبية واستدلت به وذكرته، وأيضاً ذكرت توحيد الأسماء والصفات، إلا أن أصل البعثة هو لتقرير عبودية الله سبحانه وتعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل:٣٦] ، فعرّف الشيخ رحمه الله التوحيد بأهم أنواعه وهو توحيد الإلهية.
والتعريف العام للتوحيد هو: إفراد الله تعالى بما يختص به في الربوبية وفي الإلهية وفي الأسماء والصفات، وهذا أشمل ما يقال في تعريف التوحيد، أما تعريفه هنا فهو -كما ذكرنا- بأهم أنواعه، ويمكن أن يقال: إن الشيخ رحمه الله اقتصر بذكر تعريف توحيد الإلهية؛ لأنه في هذا الموضع سيجيب على الشبه الواردة على توحيد الإلهية، فهو لن يتكلم على شبه المبتدعة والضالين في باب الأسماء والصفات، إنما سيتكلم على شبه الذين ابتدعوا في باب توحيد الإلهية، ولذلك عرّف التوحيد بقوله رحمه الله: هو إفراد الله تعالى بالعبادة.
والعبادة هي: اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأعمال الظاهرة والباطنة، وهذا أحد التعاريف التي تعرف بها العبادة، وذكر شيخ الإسلام تعريفاً آخر، وهو مختصر وجامع، فقال: العبادة هي كل ما أمر الله به ورسوله، فكل ما أمر الله به ورسوله فهو عبادة، والأمر إما أن يكون أمر إيجاب أو يكون أمر استحباب.