للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تكسير النبي عليه الصلاة والسلام لصور أصنام الرجال الصالحين من قوم نوح]

ثم قال رحمه الله: [وهو الذي كسّر صور هؤلاء] اسم الإشارة في (هؤلاء) عائد إلى أصنام الرجال الصالحين الذين غلا فيهم قوم نوح، وكيف ذلك؟ بيان هذا ما ذكره البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد: أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع) ، وهذا يدل على أن هذه الأصنام بعثت وأحييت بعد الطوفان، فصارت إلى العرب وتعلقوا بها وعبدوها من دون الله، بل وزادوا أصناماً وأوثاناً كثيرة عبدوها من دون الله، فالكعبة كان فيها أكثر من ثلاثمائة صنم كما ذكر أصحاب السير.

وقد كسّر النبي صلى الله عليه وسلم الأصنام حسيّاً ومعنويّاً، أما حسياً: فقد باشر هو صلى الله عليه وسلم تكسير بعض الأصنام بيده، وأما معنويّاً: فإن رسالته حطمت الأصنام في قلوب الناس فدانت له جزيرة العرب؛ صلى الله عليه وسلم، وقد بعث البعوث لتحطيم الأصنام، ولتحطيم ما كان يشرك به العرب من دون الله، وبهذا نفهم أن الأنبياء والرسل جاءوا لتقرير أمرٍ واحد، وهو توحيد الله، فكان أولهم نوح الذي دعا إلى التوحيد، فأولهم نوح دعا إلى التوحيد، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم الذي كسر الأصنام، وفي هذا بيان وحدة رسالة الرسل، وأنهم جاءوا لتقرير أمرٍ واحد، فالذي اعتنى به أولهم هو مضادة الشرك والتحذير منه، والذي عمله آخرهم هو تكسير الأصنام، وإقامة الدين لله سبحانه وتعالى وحده دون غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>