للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شبهة المشركين بأن دعاء الصالحين لأجل منزلتهم عند الله]

ثم صدر الشيخ رحمه الله الشبهات المفصلة بثلاث شبه فقال رحمه الله في وصفها: [واعلم أن هذه الشبه الثلاث هي أكبر ما عندهم] فبدأ رحمه الله في الشبهات بثلاث شبه هي كبار الشبه التي يوردها المشبهون، ويتمسك بها المسوغون والواقعون في الشرك.

وأول هذه الشبه قال رحمه الله: [فإن أعداء الله لهم اعتراضات كثيرة على دين الرسل، يصدون بها الناس عنه، منها قولهم: نحن لا نشرك بالله، بل نشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلاً عن عبد القادر أو غيره] كل هذا فهمنا منه أن المشرك يُقر بتوحيد الربوبية ويظن أن عدم إشراكه هو إقراره بتوحيد الربوبية؛ لأنه صدّر كلامه بقوله: (نحن لا نشرك بالله) ، وما الدليل على عدم شركه بالله؟ قال: (بل نشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له) فهذا أخطأ في فهم توحيد الإلهية، فظن أن توحيد الإلهية هو أن يعتقد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً فضلاً عن عبد القادر أو غيره.

ثم قال رحمه الله حاكياً عنهم: [ولكن أنا مذنب، والصالحون لهم جاه عند الله، وأطلب من الله بهم] هذه هي الشبهة الكبرى التي وقع بها المشركون في الشرك، والدليل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:٣] ، وقوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس:١٨] فما ذكره هذا المشرك هو عين ما احتج به أعداء الرسل على رسلهم، وأنهم لم يصرفوا العبادات لأجل هؤلاء، إنما صرفوها لأجل تحصيل الشفاعة منهم وأن لهم جاهاً عند الله؛ ولذلك قال الشيخ رحمه الله: [فجاوبه بما تقدم، وهو: أن الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرون بما ذكرت، ومقرون بأن أوثانهم لا تدبر شيئاً، وإنما أرادوا الجاه والشفاعة، واقرأ عليه ما ذكر الله في كتابه ووضحه] .

<<  <  ج: ص:  >  >>