[الرد على المشركين فيما أوردوه من استشهادهم باستغاثة أهل المحشر بالأنبياء]
أما ما ذكروه مما ورد في حديث الشفاعة العظمى التي تكون في الموقف من سؤال الناس للأنبياء آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن يسألوا الله أن يكشف ما بهم؛ فإن هذا ليس من الشرك، بل هو سؤال للمخلوق فيما يقدر عليه، وهو سؤال الله سبحانه وتعالى ودعاؤه، وهذا ليس من الشرك في شيء؛ ولذلك أجاب الشيخ رحمه الله بهذا الجواب فقال رحمه الله:(والجواب أن نقول: سبحان من طبع على قلوب أعدائه! فإن الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا ننكرها) إذاً: الذي ننكره هو الاستغاثة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى، فلو كان المخلوق يقدر عليه ولكنه ليس حاضراً كالذين يستغيثون مثلاً بالأولياء الأحياء البعيدين الذين لا يسمعون، فإذا نزل به كرب قال: يا فلان! أغثني، فهذا أيضاً من الشرك؛ لأنه ولو كان حيّاً قادراً على الفعل لو كان حاضراً إلا أنه بسبب غيبته لا يقدر أن يجيبك، فهذا دعاء لغير الله سبحانه وتعالى، أما سؤال المخلوق فيما يقدر عليه فلا إنكار، سواء كان ذلك استعانة أو استغاثة أو استعاذة، أما دليل الاستغاثة فظاهر، وأما دليل الاستعاذة بالمخلوق فيما يقدر عليه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث الدجال:(من وجد ملجأ أو معاذاً فليعذ به) ، وأما الاستعانة فلا إشكال في جواز طلب العون من المسلم فيما يقدر عليه.
ثم قال رحمه الله في الاستدلال على جواز طلب الإعانة من المخلوق فيما يقدر عليه:(كما قال تعالى في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}[القصص:١٥] ، وكما يستغيث الإنسان بأصحابه في الحروب أو غيرها في الأشياء التي يقدر عليها المخلوق) ، وهذا لا ينكره أحد.