للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاستغاثة الشركية المحرمة هي استغاثة العبادة]

قال رحمه الله: (ونحن أنكرنا استغاثة العبادة التي يفعلونها عند قبور الأولياء، أو في غيبتهم في الأشياء التي لا يقدر عليها إلا الله سبحانه) .

إذاً: هذا الذي ننكره، وهذا الذي نقول: إنه من الشرك، وهو استغاثة العبادة، وهي التي تكون عند قبور الأولياء، وذلك أن هؤلاء لا يقدرون، فسؤالهم من التعلق بالأموات الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه، وبعث رسله لأجل نفيه والتحذير منه.

وأيضاً (في غيبتهم في الأشياء التي لا يقدر عليها إلا الله) فإن سؤالهم في غيبتهم أيضاً من الشرك، وذلك أنه إذا غاب ليس في مقدوره كشف البلاء عنك، ولا رفع الكرب عنك؛ ولذلك سؤالك الغائب تفريج الكربات وكشف النكبات وما إلى ذلك من جنس سؤال المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى.

يقول: (إذا ثبت ذلك -أي: إذا ثبتت هذه المقدمة- فاستغاثتهم بالأنبياء يوم القيامة يريدون منهم أن يدعوا الله أن يحاسب الناس حتى يستريح أهل الجنة من كرب الموقف، وهذا جائز في الدنيا والآخرة) فلا إشكال في جواز سؤال المخلوق الآخر أن يدعو له في كشف أمر في الدنيا أو في الآخرة إذا كان ذلك في مقدوره، بشرط حضوره، وهذا هو الذي حدث، فإن الناس يوم القيامة يقولون لما يشتد عليهم كرب الموقف: (اذهبوا إلى آدم أبيكم، الذي خلقه الله بيده، فيذهبون إلى آدم فيقولون: يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيديه فيطلبون منه أن يسأل الله أن يفرج عنهم، فيحولهم إلى نوح، فيذهبون إلى نوح فيحولهم إلى إبراهيم، ثم يحولهم إبراهيم إلى موسى، ثم يحولهم موسى إلى عيسى، ثم يحولهم عيسى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها، أنا لها، ثم لا يشفع صلى الله عليه وسلم مباشرة، بل يقوم ويسجد عند العرش، ولا يبدأ بالشفاعة حتى يؤذن له فيقال له: (ارفع رأسك، واشفع تشفع، وقل يسمع) فيطلب من الله عز وجل الشفاعة في القضاء بين الناس.

وهذا لتفريج الكرب عن أهل الإيمان، وإلا فإن أهل الكفر لا يستفيدون من هذا بشيء، إذ أن ما يقبلون عليه أعظم وأدهى وأمر؛ ولذلك قال الشيخ رحمه الله: (أن يحاسب الناس حتى يستريح أهل الجنة من كرب الموقف) وإلا فالكفار في ظلمات بعضها فوق بعض، نسأل الله سبحانه وتعالى السلامة والعافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>