الخيرات والمباحات، من شأنه أن يؤجج في الإنسان هواه، ويعوده العمل في إرضاء نفسه، دون التقيد بقيود الشرع. فإذا حصل هذا جره هواه إلى تجاوز أحكام الشريعة، والدخول في المحظورات.
هذه خلاصة المسألة الأساسية في هذا النوع، وهي المسألة الأولى وما بناه عليها من فصول.
أما المسائل الخمس الموالية لها "أي من الثانية إلى السادسة"، فهي امتداد لموضوع المسألة الأولى، وتعميق للبحث فيه.
وينطلق ذلك من تقسيمه للمقاصد الشرعية إلى مقاصد أصلية ومقاصد تبعية:
"فأما المقاصد الأصلية فهي التي لا حظ فيها للمكلف، وهي الضروريات المعتبرة في كل ملة".
والضروريات المعتبرة في كل ملة هي -كما تقدم- حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال.
وإنما اعتبر أنها لا حظ فيها للمكلف، لكونه ملزمًا بحفظها رضي بذلك أو لم يرض، بل إنه إذ فرط فيها، يحجر عليه ويكره على حفظها، ويعاقب على تضييعها في الدنيا والآخرة. وعلى هذا فإن حفظ الضروريات لا يرجع فيه إلى رغبة المكلف واختياره وميله. وهذا هو معنى كونها لم يراع فيها حظ المكلف.
وأما المقاصد التابعة، فهي التي روعي فيها حظ المكلف، فمن جهتها يحصل له مقتضى ما جبل عليه من نبيل الشهوات، والاستمتاع بالمباحث، وسد الخلات" ويتمثل هذا في أوجه الاستمتاع المباحة، وفي التوسع في الاستمتاع والتنعم، في حدود ما رسمه الشرع من حدود وقيود١.
١ كما كان مناسبًا أن يمثل لهذا ويوضحه بآية آل عمران١٤: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} الآية، وإن كان قد استشهد بآيات أقل تفصيلًا منها، كقوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} الأعراف: ٣٢.