للخلق، استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمه، ولم نطلع عليه. فلم نستعمله، واتبعنا فيه الموارد"١.
ولكن، أيهما الغالب الذي نتخذه أصلًا، ونعتبر ما سواه استثناء: ما يعقل معناه ويمكن تعليله وإدراك حكمته، أم ما لا تدرك له حكمة ولا مصلحة؟ مع التذكير أن الأصل العام في الشريعة هو تعليلها برعاية مصالح العباد، كما تقدم، والسؤال الآن إنما يتعلق بأحكام العبادات فقط.
وإذا نظرنا في فقه الزكاة، لم نكد نجد حكمًا من أحكامها إلا وقد أدخل عليه الفقهاء التعليل. إن لم يعلله هذا، علله غيره٢. وكلها تعليلات مصلحية واضحة. وقد استعملوا القياس في أحكامها رغم أنها عبادة، وعلى هذا الأساس سار فقيه الزكاة: الدكتور يوسف القرضاوي، وبين ذلك بقوله:
"لقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من بعض الحبوب والثمار، كالشعير والتمر والزبيب، فقاس الشافعي وأحمد وأصحابهما كل ما يقتات، أو غالب قوت أهل البلد، أو غالب قوت الشخص نفسه، ولم يجعلوا هذه الأجناس المأخوذة مقصودة لذاتها تعبدًا، فلا يقاس عليها.
وكذلك في زكاة الزروع والثمار، ذهب جمهور الأئمة إلى قياس كثير من الحبوب على ما وردت به النصوص. ولم يقصروا الزكاة على ما جاء في بعض الأحاديث من الحنطة والشعير والتمر والزبيب. وقد جاء عن عمر أنه أدخل القياس في باب الزكاة. لما تبين له أن فيها ما يبلغ قيمة الفرس الواحدة منه ثمن مائة ناقة، فقال: نأخذ من أربعين شاة ولا نأخذ من الخيل شيئًا! وتبعه في ذلك أبو حنيفة بشروط معلومة.
وهذا ما جعلنا نقيس العمارات المؤجرة للسكن ونحوها، على الأرض الزراعية، ونقيس ... ، ونقيس ... " "فقه الزكاة: ١/ ٢٨-٢٩".