للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سيأتي - لا يمانع في الدرجة الأولى. بل يعتبرها -كسائر المسلمين- فرضًا. ولكنه يمنع الدرجة الثانية، وهي التي تبدأ عندما نقول: "لماذا حرم الله الجمع بين الأختين؟ فهذا هو السؤال الذي ينكره ابن حزم، بل يحرمه ويفسق قائله. ومن ثم، لا يجوز أن يقول القائل -عن هذا التحريم- مثلًا: "حكمته: دفع الغيرة عمن يريد الشرع بقاء تمام المودة بينهما١ أو ما شابه هذا مما هو حكمة مقصودة ظاهرة.

وقبل أن أدخل في مناقشة وإبطال فهم ابن حزم واستدلاله بآية {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} أضيف أنه يدعم موقفه بآية آخرى، يفهمها ويوجه معناها في نفس الاتجاه: قال أبو محمد: قال الله تعالى: {وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ} ٢ فأخبر تعالى أن البحث عن علة مراده تعالى ضلال. لأنه لا بد من هذا٣، أو من أن تكون الآية نهيًا عن البحث عن المعنى المراد، وهذا خطأ لا يقوله مسلم، بل البحث عن المعنى الذي أراده الله تعالى فرض على كل طالب علم، وعلى كل مسلم فيما يخصه، فصح القول الثاني٤ ضرورة ولا بد.

وقال تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} وقال تعالى: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} .

قال أبو محمد: وهذه كافية في النهي عن التعليل جملة. فالمعلل بعد هذا عاص لله، وبالله نعوذ من الخذلان٥.


١ هذا التعليل للشيخ ابن عاشور عند تفسره للآية المذكورة، انظر التحرير والتنوير، ٤/ ٣٠٠.
٢ سورة المدثر، ٣١.
٣ أي لا بد أن الآية واردة في ذم البحث عن العلل، وإلا ...
٤ الظاهر أن الصواب هو: "فصح القول الأول".
٥ الإحكام، ٨/ ١١٢.

<<  <   >  >>