وأما النقطة الثانية، فالمقصود بها الترجيح بين المصالح والمفاسد عند تعارضها، أمام المكلف أو أمام المجتهد والمفتي، أو غيرهم.
وغير خاف على أحد ما بين المصالح والمفاسد من اختلاط وتشابط لا حد لهما، مما ينشأ عنه تزاحم وتعارض لا حد لهما أيضًا. فما من مصلحة أو مفسدة، إلا وتزاحمها وتتعارض معها مصالح ومفاسد كثيرة.
ولا شك أن كثيرًا من الحالات يكون الأمر فيها واضحًا، والترجيح فيها سهلًا، إما بمقتضى النصوص، وإما بمقتضى التقدير العقلي. ولكن هذا بالنسبة إلى ما ليس كذلك قليل. ويزيد من تعقيد الأمور، كون كثير من المصالح والمفاسد نسبية، أو إضافية، بتعبير الشاطبي حيث يقول:"المنافع والمضار عامتها أن تكون إضافية لا حقيقية. ومعنى إضافية، أي أنها منافع أو مضار في حال دون حال، وبالنسبة إلى شخص دون شخص، أو وقت دون وقت. فكثير من المنافع، تكون ضررًا على قوم لا منافع، أو تكون ضررًا في وقت أو حال، ولا تكون ضررًا في آخر"١.
وقد وضع العلماء عددًا من القواعد التي تساعد على الترجيح بين المصالح والمفاسد المتعارضة، مثل: