للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وواضح أن الإمام مالكًا، استند إلى مجرد قياس، ألحق فيها الزكاة بالصلاة بجامع أن كلا منهما عبادة. وفي هذا نظر، لأنه جمع بين التعبد والقياس في محل واحد!

ولو رجعنا إلى "الموطأ"، لوجدنا أول ما فيه: "كتاب وقوت الصلاة - باب وقوت الصلاة" ولوجدنا أن جبريل عليه السلام حدد لرسول الله صلى الله عليه وسلم مواقيت الصلوات أولها وآخرها، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ذلك للناس، وحدد لكل صلاة أول وقتها وآخر وقتها، وقال "ما بين هذين وقت".

فمواقيت الصلاة أولها وآخرها، جاء تحديدها بدقة لا مزيد عليها، وجاء في التزامها والمحافظة عليها من الترغيب والترهيب ما هو معلوم. ولم يأت شيء من هذا في شأن الزكاة. فظهر الفرق الكبير بين الأمرين.

ومن مسائل الزكاة التي راعى فيها الإمام مالك المقاصد وبناها على التعليل قوله في موطئه: "وليس على أهل الذمة، ولا على المجوس، في نخيلهم ولا كرومهم ولا زروعهم ولا مواشيهم، صدقة، لأن الصدقة إنما وضعت على المسلمين تطهيرًا لهم، وردا على فقرائهم"١. فقد جمع مقاصد الزكاة في مقصدين: تطهير المزكي، وتضامنه مع أخيه المحتاج، وبنى على هذا أن غير المسلمين ليسوا داخلين في أي من المقصدين فلا زكاة عليهم. أما الجزية المفروضة عليهم، فهي واجبهم تجاه الدولة.

وما دمنا في مسائل الزكاة ومقاصدها، فلنعرج على مسألة أخرى مما يمكن النظر فيه من خلال المقاصد. وذلك هو الخلاف في سهم المؤلفة قلوبهم من مصارف الزكاة، وهل هو باق، أو سقط؟

وههنا أيضًا نجد أن الإمام مالكًا قد ساير في المسألة أهل الرأي والتعليل، في القول بسقوط هذا السهم وانقطاعه. فهذا القول مبني على تعليل سهم المؤلفة قلوبهم بمصلحة الإسلام والمسلمين. والظاهر أن الإمام اتبع في هذه المسألة


١ الموطأ: ١/ ٢٨٠.

<<  <   >  >>