وقد لخص الدكتور وهبة الزحيلي الحالات التي يجري فيها تقييد الحق في خمس هي١:
١- قصد الإضرار بالغير.
٢- قصد غرض غير مشروع.
٣- ترتيب ضرر أعظم من المصلحة.
٤- الاستعمال غير المعتاد وترتب ضرر للغير.
٥- استعمال الحق مع الإهمال أو الخطأ.
ويمكن جمع هذه الحالات كلها، في كون الحق المشروع تعارض مع قصد الشارع في رفع الضرر، فكان لا بد من التوفيق بين الأمرين، ولو بتقييد الجزئي أو إهداره.
وأما تقييد إلزامية العقود، فمستنده ما ثبت من قصد الشارع إلى إقامة العدل ونفي الظلم في المعاملات عامة، وفي العقود خاصة. فإذا تضمن العقد ظلمًا بينا بأحد طرفيه أو أطرافه فلا يسع المجتهد تجاهل ذلك بدعوى استيفائه لأركانه وشروطه الظاهرية أو الشكلية. فلو كان الشرع يعتد بالعقود الظالمة. المستوفية لشروط التعاقد، لأباح عقد الربا، وبيع المجهول، وسائر عقود الغرر.
وإذًا فقصد الشارع إلى منع المظالم ثابت قطعًا وعمومًا، وثابت خصوصًا في العقود. ومن هنا فإن العقود الظالمة -ظلمًا بينًا- تشكل مخالفة صريحة وجسيمة لمقاصد الشريعة. فليس "العقد شريعة المتعاقدين" إلا إذا جاء في حدود الشريعة ومقاصدها إذا شريعة الله فوق شريعة المتعاقدين، فإذا تجاوزها العقد وجب نقضه أو تعديله بما يحقق العدل للطرفين.
والظلم في العقود قد يكون خفيا لا يراه الطرفان، أو الطرف المتضرر على الأقل، ثم ينكشف، كما في الغرر والعيب. وقد يكون ظاهرًا من أول أمره، ولكن أحد الطرفين مكره أو مضطر في تعاقده ذلك. وقد يكون العقد عادلًا في أول الأمر،
١ انظر توضيحاتها في كتابه: الفقه الإسلامي وأدلته: ٤/ ٣٢-٣٨.