للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"فالمقصود أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا. وكلمة الله اسم جامع لكلماته التي تضمنها كتابه. وهكذا قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} فالمقصود من إرسال الرسل، وإنزال الكتب، أن يقوم الناس بالقسط، في حقوق الله وحقوق خلقه"١.

وبناء على معرفة مقاصد الولايات الشرعية، ومعرفة ما تختص به وتتميز به كل ولاية ينبغي أن يتم تحديد من يصلح لكل ولاية: فإذا كان هذا هو المقصود، فإنه يتوسل إليه بالأقرب فالأقرب. وينظر إلى الرجلين، أيهما كان أقرب إلى المقصود ولي"٢.

ولهذا فعندنا تكون مقاصد الحكام هي مقاصد الشرع، فإنهم يسيرون على هدي هذا القانون, ويختارون للمناصب والولايات أصلح الناس لتحقيق مقاصدها الشرعية. فإذا اختلفت مقاصدهم عن مقاصد الشرع، فإنهم يختارون من يناسب مقاصدهم. وفي هذا يقول: "وأهم ما في هذا الباب: معرفة الأصلح. وذلك إنما يتم بمعرفة مقصود الولاية، ومعرفة طريق المقصود. فإذا عرفت المقاصد والوسائل تم الأمر. فلهذا لما غلب على أكثر الملوك قصد الدنيا دون الدين، قدموا في ولايتهم من يعينهم على تلك المقاصد، وكان من يطلب رئاسة نفسه، يؤثر تقديم من يقيم رئاسته٣.

ولابن تيمية رحمه الله، استدراك على الأصوليين في حصرهم لمقاصد الشرعية في المقاصد الخمسة المعروفة، حيث يرى أنها لا تشتمل مقاصد سامية عظيمة في الشريعة، وفي هذا يقول: "وقوم من الخائضين في أصول الفقه، وتعليل الأحكام الشرعية بالأوصاف المناسبة، إذا تكلموا في المناسبة، وأن ترتيب الشارع للأحكام الشرعية بالأوصاف المناسبة يتضمن تحصيل مصالح العباد، ودفع


١ مجموع الفتاوى، ٢٨/ ٢٦٣.
٢ مجموع الفتاوى، ٢٨/ ٢٦٤.
٣ مجموع الفتاوى، ٢٨/ ٦٢٠.

<<  <   >  >>