للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما سجلوه قام بدور فعال في الكشف عن الأرض والإنسان بأسلوب وصفي، تميزت جغرافيته بأصالة فريدة.

لم يكن هناك مصطلحات جغرافية قائمة بكل معنى الكلمة قبل القرن "التاسع"، ومع ازدهار الترجمة تمكن العرب من الاطلاع على أفكار بطليموس ومارينوس الصوري، ومع ظهور هذه الترجمات بدأت السلسلة الجغرافية العلمية التي تبعها أنماط متعددة للجغرافية الوصفية، ثم تنوعت أوصاف الرحلات فساد في بعضها الطابع الواقعي في حين احتفظت الأخرى بالعنصر القصصي.

لقد أخذت الجغرافية صورا متباينة حسب الأزمنة وأمزجة الرجال الذين انصرفوا إليها مما جعلها تصطبغ بصفات مختلفة خلال تطورها في الزمان، هذا ولا شك فإن منهج الجغرافية الوصفية عند العرب يسترعي الانتباه، بغزارة مادته، ذات الطابع المميز، والسيماء الخاصة، مما لا نجد له مثيلا في آداب الأمم الأخرى.

لم يكن في وسع العقول المستنيرة في أوروبا أن تتجاهل حقيقة المسلمين في مجال الجغرافية الوصفية التحليلية، نقرأ للراهب الدومينيكي "فنسنت أف بوفيه" "Dominical Friar Vincent of Beaunvais" الذي يوجز المعرفة السائدة في كتابه "Speculum"، نراه ينقل في معرض كلامه عن وادي النيل عن ابن سينا بين مصادره، ونجد في كتابات الراهب "ألبرت الكبير" وهو كثيرا ما يبدي تحولا عن الرأي السائد في شأن العالم، استنادا إلى مصادر عربية كثيرة، ثم تعقب ذلك الرحلات الخيالية لرجل إنكليزي وهو "سيرجون مندفيل ١٣٥٦م"، ويعتبر وصف هذه الرحلات من باب الخيال المحض تملؤه الأسانيد والخرافات، ولقي هذا الكتاب قبولا عظيما خلال القرنين "الرابع عشر والخامس عشر" إذ يعطي العامة من الأوروبيين فكرة عن العالم نقارن ذلك بهمم التبصر في حقائق الأرض على أساس من الملاحظة لدى العرب.

ونذكر في هذا المجال "روجر بيكون" "٦١١-٦٩٤هـ/ ١٢١٤-١٢٩٤م" صاحب

<<  <   >  >>