للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتاب١ "Opus Majus" إننا نجد بين المصادر العربية التي ذكرها كمراجع له في شئون الفلك والرياضيات والجغرافية أسماء مثل أبي معشر، وقد أورد ذكره في معرض إشارات متعددة تتعلق بالرياضيات والفلك والفلسفة الأخلاقية، وقال عن كتاب أبي معشر "الاتصالات": إن معرفة علم الفلك قد وصلت إلى أيدي اللاتين عن طريق هذا الكتاب، وهناك الفرغاني وابن سينا والبتاني وثابت بن قرة والزرقالي٢.

ونورد فيما يلي نموذجا عن المنهج الوصفي لدى الجغرافيين العرب نستقيه من كتاب "أحسن التقاسيم لمعرفة الأقاليم" بدأ كتابه بمدخل طويل نوعا ما ومكثف عن الجغرافية الطبيعية، وعن أبحاث الذين سبقوه والتقسيمات التي تبنوها والاصطلاحات والتسميات الدارجة، ثم عالج في القسم الأول الأقاليم العربية، ووصف في القسم الثاني الأقاليم الفارسية والأقطار الإسلامية الشرقية، وخص كل أقليم بفصل خاص وذلك ضمن إطار مخطط متماثل يبدأ بعموميات عن المنطقة ثم بوصف المدن والنواحي التي تتبعها وينتهي بمعلومات جزيلة الفائدة عن المناخ والديانة والغرائب والتجارة والمظاهر الجغرافية في المنطقة المذكورة، ولعل من الأفضل أن نترك المقدسي يقدم منهجه بنفسه:

"فرأيت أن أقصد علما قد أغفلوه، وانفرد بفن لم يذكروه إلا على الإخلال، وهو ذكر الأقاليم الإسلامية، وما فيها من المفاوز والبحار والبحيرات والأنهار، ووصف أمصارها المشهورة ومدنها المذكورة، ومنازلها المسلوكة وطرقها المستعملة، وعناصر العقاقير والآلات، ومعادن الحمل والتجارات، واختلاف أهل البلدان في كلامهم وأصواتهم وألسنتهم وألوانهم، ومذاهبهم ومكاييلهم وأوزانهم، ونقودهم وصروفهم، وصفة طعامهم وشرابهم وثمارهم ومياههم ومعرفة مفاخرهم وعيوبها وما يحمل من عندهم وإليهم، وذكر واضح الأخطار في المفازات وعدد المنازل في المسافات".

ومن الغريب أنه وصل إلى فكرة الجغرافي الحديث في تدبره فائدة الموضوع بالنسبة للتعليم العام والثقافة فيقول: "وعلمت أنه باب لا بد منه للمسافرين والتجار، ولا غنى عنه للصالحين والأخيار، إذ هو علم ترغب فيه الملوك والكبراء وتطلبه القضاة والفقهاء، وتحبه العامة والرؤساء" ويرجع إلى مؤلفات الجغرافييين أمثال ابن خردذابة والجيهاني والبلخي والهمداني والجاحظ، فيعالج ميزاتهم وأخطائهم بصراحة.


١ Roger Bacon. R. Opus Majus Vol. ١, p. ١٥٢.
٢ نفيس أحمد. الفكر الجغرافي في التراث الإسلامي، ط٣ ترجمة: فتحي عثمان، دار العلم، بيروت، ١٤٠٤هـ/ ١٩٨٤م، ص٢٦٨.

<<  <   >  >>