للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تصحيحه الحكاية المتقدمة عن مالك وهي باطلة عنه كما بينا ذلك، وهذا دأبه يصحح الضعيف، ويضعف الصحيح بلا حجة (١) ، ومن الأشياء المأثورة عن مالك ما تقدم ذكره مراراً وذكره القاضي عياض أيضاً فقال: وقال مالك في المبسوط: وليس يلزم من دخل المسجد وخرج منه من أهل المدينة الوقوف بالقبر وإنما ذلك للغرباء

وقال فيه أيضاً: لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج إلى سفر أن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر، فقيل له: إن ناساً من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر وربما وقفوا في الجمعة، وفي الأيام المرة والمرتين، أو أكثر عنده فيسلمون ويدعون ساعة، فقال: لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك، ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده.

فانظر إلى قول مالك رحمه الله لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا ومخالفته لقول المعترض،فأي دليل أبين من هذا في إتيان قبر النبي صلى الله عليه وسلم والوقوف والدعاء عنده من الأمور المعلومة التي لم تزل قبل مالك وبعده.

فهذا المعترض يزعم أن قول مالك يقتضي أن هذا الأمر من الأمور المعلومة التي لم تنزل قبل مالك وبعده، ومالك يقول لم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك.

فأي حجة أوضح من هذه؟ وأي دليل أبين من هذا في إبطال قول المعترض ودعواه والتزامه أقوال الأئمة نقيض مرادهم، وما أحسن قول مالك رضي الله عنه: ((ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها)) ، وأما قوله:ويكره إلا لمن جاء من سفر، أو أراده، فهذا إنما ذهب إليه اتباعاً لابن عمر، فإنه قد صح عنه إنه كان إذا قدم من سفر أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول، السلام يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه، ثم ينصرف.


(١) بل هو اتباع الهوى كما يفعل بعضهم اليوم يضعف الحديث ولو كان في الصحيح أو يطرحونه ولا يعملون به نظراً لأنه خالف المذهب كما يقولون.
وهذا كقوله أصحاب حلقة البخاري التي تقام سنوياً في الحديدة.
وممن يعمل هذا العمل: الصابوني (محمد بن علي) ومحمد علوي مالكي.

<<  <   >  >>