للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: كثرة الدعاء والإلحاح فيه على الله أن يرزق العبد حلاوة تلاوة القرآن والتلذذ به، واجتماع القلب عليه، وحسن تدبره.]

ومما يدل على المكانة العظيمة للدعاء قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ» (١).

وأفاد الملا على القاري رحمه الله في شرحه لهذا الحديث بأن الدعاء: "هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة لدلالته على الإقبال على الله، والإعراض عما سواه، بحيث لا يرجو ولا يخاف إلا إياه، قائمًا بوجوب العبودية، معترفًا بحق الربوبية، عالمًا بنعمة الإيجاد، طالبًا لمدد الإمداد على وفق المراد وتوفيق الإسعاد" (٢).

قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠].

وقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: ١٨٦].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الدُّعَاءِ» (٣).

وهذا دعاء عظيم ينبغي أن يقبل القلب عليه، له ارتباط بالتلذذ بالقرآن والطلب من الله أن يذهب عن العبد الهم والحزن، ويكون ذلك بأثر القرآن على قلبه، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ


(١) أخرجه أحمد في مسنده (٣٠/ ٣٤٠) ح (١٨٣٩١)، وأبو داود (٢/ ٧٦) ح (١٤٧٩)، والترمذي (٥/ ٣٧٥) ح (٣٢٤٧) وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، وابن ماجه (٢/ ١٢٥٨) ح (٣٨٢٨)، والحاكم (١/ ٦٦٧) ح (١٨٠٢) وصححه، وأقره الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (١/ ٦٤١) ح (٣٤٠٧)، وقال محقق المسند (٣٠/ ٣٤٠) ح (١٨٣٩١): "إسناده صحيح".
(٢) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (٤/ ١٥٢٧).
(٣) أخرجه أحمد في المسند (١٤/ ٣٦٠) ح (٨٧٤٨)، والترمذي (٥/ ٤٥٥) ح (٣٣٧٠) وقال: «هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ القَطَّانِ .. "، وابن ماجه (٢/ ١٢٥٨) ح (٣٨٢٩)، وحسن إسناده الألباني في صحيح الجامع (٢/ ٩٥١) ح (٥٣٩٢)، وكذلك شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لسنن ابن ماجه (٥/ ٦) ح (٣٨٢٩).

<<  <   >  >>