للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب السادس: حرص العبد على تدبر القرآن العظيم (١).

أولاً: معنى التدبر وأنواعه.

تدور عبارات المفسرين في معنى التدبر على إعمال الفكر والنظر مرة بعدة مرة، وذلك بالتأمل والتفهم في آي القرآن الكريم؛ للتوصل إلى معانيه ومقاصده والاتعاظ بها (٢).

والتدبر نوعان:

الأول: تدبر التلاوة: وهو أن يتدبر القارئ فيما يتلوه، فيحضر قلبه عند تلاوته، ويعمل ذهنه في فهم ما يتلوه مرة بعد مرة حتى يرسخ معنى الآية في قلبه، فيزيد الإيمان وتدمع العين من خشوع القلب وتأثره بكلام ربه سبحانه، كما سيأتي مزيد تفصيل في هذا الأمر.

والثاني: تدبر الاستماع: وهو أن يستمع للقران العظيم مع إنصات كما قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤].

ويقول ابن تيمية رحمه الله: "ومن أصغى إلى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بعقله، وتَدَبَّره بقلبه، وجد فيه من الفهم والحلاوة، والبركة والمنفعة ما لا يجده في شيء من الكلام، لا مَنظومِه ولا منثورِه" (٣)

وقال السعدي رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}: "هذا الأمر عام في كل من سمع كتاب الله يتلى، فإنه مأمور بالاستماع له والإنصات، والفرق بين الاستماع والإنصات، أن الإنصات في


(١) ينظر في ذلك: الخلاصة في تدبر القرآن، القواعد والأصول وتطبيقات التدبر، كلاهما للدكتور: خالد السبت، وقد استفدت منهما كثيراً في هذا الموضوع، وكتاب مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر، للدكتور: مساعد الطيار.
(٢) ينظر: الخلاصة في تدبر القرآن الكريم (ص ١٤)، أضواء البيان (٣/ ٣٣٤).
(٣) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٢٧٠).

<<  <   >  >>