للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب السابع: التقصير في أداء الفرائض، ومن ثم إهمال النوافل.]

للقران العظيم آثار مباركة على الذين يحبهم الله بسبب محافظتهم على الفرائض، وكثرة تقربهم إلى الله بالنوافل، فيفتح الله قلوبهم لتدبر آياته كما يحب ويرضى، ويعلمهم الله ويفتح عليهم من كنوز القرآن الكريم، لأنه يحبهم قال -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله قال: وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ .. » الحديث (١).

وإذا تساهل العبد في الفرائض وفرط في النوافل أبعد عن الله وتسلط عليه الشيطان فأنساه ذكر الله، وعلى رأس ذكر الله تلاوة القرآن وتدبره، قال تعالى عن حال من تسلطت عليهم الشياطين: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ} [المجادلة: ١٩].

قال ابن كثير رحمه الله: " أي: استحوذ على قلوبهم الشيطان حتى أنساهم أن يذكروا الله، عز وجل، وكذلك يصنع بمن استحوذ عليه؛ ولهذا قال أبو داود .. عن أبي الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من ثلاثة في قرية ولا بدو، لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية". قال زائدة: قال السائب: يعني الصلاة في الجماعة" (٢) " (٣).


(١) أخرجه البخاري (٨/ ١٠٥) ح (٦٥٠٢).
(٢) وهو في سنن أبي داود (١/ ١٥٠) ح (٥٤٧) وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٣/ ٥٨) ح (٥٥٦)، وحسن إسناده محقق المسند (٤٥/ ٥٠٧) ح (٢٧٥١٤).
(٣) تفسير ابن كثير (٨/ ٥٣).

<<  <   >  >>