للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عقوبة يضرب الله بها تلك القلوب، قال تعالى عن حال أولئك اليهود ومن يشبههم: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: ٤١].

[المطلب الرابع: عدم تقدير كلام الله حق قدره.]

وهذا المانع ناتج عن السبب السابق لما تدنست القلوب ولم تكن طاهرة لم يكن لكلام الله تقدير عندهم فلا ينتفعون به ولا يرتفعون، بل لا يرون له مكانة ولا تقدير، فيهجرونه بكل أنواع الهجر، ويرون العزة في غيره من علوم الشرق والغرب، ولهذا يحرمون من بركة تدبره والانتفاع به، والله أخبر في كتابه أن عزة المسلم والأمة في الارتباط بالقرآن والتمسك به والاقبال عليه، قال تعالى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٤٣ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ} [الزخرف: ٤٣ - ٤٤].

قال أهل التفسير في معنى قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ} [الزخرف: ٤٤].

إنه لشرف لك ولقومك الذين اتبعوك بهذا القرآن، وإنه لفخر لكم ومنقبة جليلة، ونعمة لا يقدر قدرها إلا من عرف قيمتها (١).

وقال تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: ١٠].

وإنه لشرف لمن اتبع هداه وعمل بما فيه (٢).


(١) ينظر: تفسير الطبري (٢٠/ ٦٠٣)، تفسير السعدي (٧٦٦).
(٢) ينظر: تفسير الطبري (١٦/ ٢٣٢).

<<  <   >  >>