للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول ابن كثير رحمه الله: " يقول تعالى منبهاً على شرف القرآن، ومحرضاً لهم على معرفة قدره: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ} قال ابن عباس: شرفكم" (١).

وقال السعدي في تفسيره لهذه الآية: " لقد أنزلنا إليكم - أيها المرسل إليهم، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب - كتاباً جليلاً وقرآناً مبيناً {فِيهِ ذِكْرُكُمْ} أي: شرفكم وفخركم وارتفاعكم، إن تذكرتم به ما فيه من الأخبار الصادقة فاعتقدتموها، وامتثلتم ما فيه من الأوامر، واجتنبتم ما فيه من النواهي، ارتفع قدركم، وعظم أمركم، {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} ما ينفعكم وما يضركم؟ كيف لا ترضون ولا تعملون على ما فيه ذكركم وشرفكم في الدنيا والآخرة، فلو كان لكم عقل، لسلكتم هذا السبيل، فلما لم تسلكوه، وسلكتم غيره من الطرق، التي فيها ضعتكم وخستكم في الدنيا والآخرة وشقاوتكم فيهما، علم أنه ليس لكم معقول صحيح، ولا رأي رجيح.

وهذه الآية، مصداقها ما وقع، فإن المؤمنين بالرسول، الذين تذكروا بالقرآن، من الصحابة، فمن بعدهم، حصل لهم من الرفعة والعلو الباهر، والصيت العظيم، والشرف على الملوك، ما هو أمر معلوم لكل أحد، كما أنه معلوم ما حصل، لمن لم يرفع بهذا القرآن رأسا، ولم يهتد به ويتزك به، من المقت والضعة، والتدسية، والشقاوة، فلا سبيل إلى سعادة الدنيا والآخرة إلا بالتذكر بهذا الكتاب" (٢).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» (٣).

وعلى هذا من لم يقدر القرآن حق قدره ويعمل بما فيه، فإن الله يحجبه عن بركة القرآن، ويصيبه الذل والهوان والخسارة في الدنيا والآخرة.


(١) تفسير ابن كثير (٥/ ٣٣٤).
(٢) تفسير السعدي (ص ٥١٩).
(٣) أخرجه مسلم (١/ ٧٩) ح (٢١٨).

<<  <   >  >>