للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظاهر بترك التحدث أو الاشتغال بما يشغل عن استماعه.

وأما الاستماع له، فهو أن يلقي سمعه، ويحضر قلبه ويتدبر ما يستمع، فإن من لازم على هذين الأمرين حين يتلى كتاب الله، فإنه ينال خيراً كثيراً وعلماً غزيراً، وإيماناً مستمراً متجدداً، وهدى متزايداً، وبصيرة في دينه، ولهذا رتب الله حصول الرحمة عليهما، فدل ذلك على أن من تُلِيَ عليه الكتاب، فلم يستمع له وينصت، أنه محروم الحظ من الرحمة، قد فاته خير كثير.

ومن أوكد ما يؤمر به مستمع القرآن، أن يستمع له وينصت في الصلاة الجهرية إذا قرأ إمامه، فإنه مأمور بالإنصات .. " (١).

وقال القرطبي رحمه الله: "روي عن وهب بن منبه أنه قال: من أدب الاستماع سكون الجوارح وغض البصر، والإصغاء بالسمع، وحضور العقل، والعزم على العمل، وذلك هو الاستماع كما يحب الله تعالى، وهو أن يكف العبد جوارحه، ولا يشغلها، فيشتغل قلبه عما يسمع، ويغض طرفه فلا يلهو قلبه بما يرى، ويحصر عقله فلا يحدث نفسه بشيء سوى ما يستمع إليه، ويعزم على أن يفهم فيعمل بما يفهم.

وقال سفيان بن عيينة: أول العلم الاستماع، ثم الفهم، ثم الحفظ، ثم العمل ثم النشر (٢)، فإذا استمع العبد إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام بنية صادقة على ما يحب الله أفهمه كما يحب، وجعل له في قلبه نوراً" (٣).


(١) تفسير السعدي (ص ٣١٤).
(٢) نقله عنه البيهقي في شعب الإيمان (٣/ ٢٨٤).
(٣) تفسير القرطبي (١١/ ١٧٦).

<<  <   >  >>