للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شكا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه من هجر قومه هذا القرآن، كما قال تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورا} [الفرقان: ٣٠].

وهذه الآيات المذكورة تدل على أن تدبر القرآن وتفهمه وتعلمه والعمل به، أمر لا بدَّ منه للمسلمين.

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن المشتغلين بذلك هم خير الناس، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح (١) من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»، وقال تعالى: {وَلَكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: ٧٩].

فإعراض كثير من الأقطار عن النظر في كتاب الله وتفهمه والعمل به وبالسنة الثابتة المبينة له، من أعظم المناكر وأشنعها، وإن ظن فاعلوه أنهم على هدى .. " انتهى المقصود من كلامه رحمه الله (٢).

٤ - إنه الطريق إلى معرفة العبد لخالقه جل جلاله معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو الطريق إلى معرفة صراطه المستقيم الذي أمر العباد بسلوكه.

قال الآجري رحمه الله: «ومن تدبر كلامه، عرف الربَّ عز وجل، وعرف عظيم سلطانه وقدرته، وعرف عظيم تَفَضُّله على المؤمنين، وعرف ما عليه من فَرْضِ عبادته، فألزم نفسه الواجب، فحذر مما حذَّره مولاه الكريم، ورغب فيما رَغَّبه فيه، ومن كانت هذه صفته عند تلاوته للقرآن وعند استماعه من غيره، كان القرآن له شفاء، فاستغنى بلا مال، وَعَزَّ بلا عشيرة، وأَنِس بما يستوحش منه غيره، وكان هَمُّه عند التلاوة للسّورة إذا افتتحها: متى أتعظ بما أتلو؟! ولم يكن مراده: متى أختم


(١) أخرجه البخاري (٦/ ١٩٢) ح (٥٠٢٧).
(٢) أضواء البيان (٧/ ٤٥٧ - ٤٥٨).

<<  <   >  >>