للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَ ا} [الكهف: ١١٠].

وقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ» (١).

وذكر الخطابي رحمة الله في معني الحديث: أن من عمل عملًا على غير إخلاص، وإنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه، جزاه الله على ذلك بأن يشهره ويفضحه، ويظهر ما كان يبطنه (٢).

وأضاف ابن حجر إلى ما ذكره الخطابي، فقال: "وقيل: من قصد بعمله الجاه والمنزلة عند الناس، ولم يرد به وجه الله، فإن الله يجعله حديثًا عند الناس الذين أراد نيل المنزلة عندهم، ولا ثواب له في الآخرة ومعنى «يرائي»: يطلعهم على أنه فعل ذلك لهم لا لوجهه" (٣).

وعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ؟ قَالَ: «الرِّيَاءُ؛ إِنَّ اللهَ يَقُولُ يَوْمَ تُجَازَى الْعِبَادُ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ بِأَعْمَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا، فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟!» (٤).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» (٥).

وقد مر معنا حديث الذين أول من تسعر بهم النار، وذكر منهم قارئ القرآن الذي يريد مدح الناس له ويقوم بهذه العبادة من أجل الناس عياذاً بالله من حالهم.


(١) أخرجه البخاري واللفظ له عن جندب -رضي الله عنه- (٨/ ١٠٤) ح (٦٤٩٩)، ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما (٤/ ٢٢٨٩) ح (٢٩٨٦).
(٢) ينظر: أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري للخطابي (٣/ ٢٢٥٧).
(٣) فتح الباري (١١/ ٣٣٦).
(٤) أخرجه أحمد (٣٩/ ٤٣ - ٤٤) ح (٢٣٦٣٦)، وجوّد إسناده المنذري في الترغيب والترهيب (١/ ٣٤) ح (٥٠)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (١/ ١٠٢) ح (٣٧٥): "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح"، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (١/ ١٢٠) ح (٣٢)، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند (٣٩/ ٤٤) ح (٢٣٦٣٦): "إسناده حسن".
(٥) أخرجه مسلم (٤/ ٢٢٨٩) ح (٢٩٨٥).

<<  <   >  >>