بالمعنى رخص فيها من رخص، لما كان عليهم في ضبط الألفاظ والجمود عليها من الحرج والنصب، وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه بطون الأوراق والكتب؛ ولأنه أن ملك تغيير اللفظ فليس يملك تغيير تصنيف غيره، والله أعلم" ا. هـ ومثله في تقريب النواوي، وشرحه تدريب الراوي.
وبذلك يسقط قول الملحدين: "إن الرواة تناقلوا الحديث بألفاظهم في جميع العصور".
٣- "الصحابة والتابعون كانوا يحرصون في رواية الحديث على اللفظ النبوي".
الرواية بالمعنى كانت في المائة الأولى للهجرة، أي في عصر الصحابة والتابعين قبل أن يشيع تدوين الحديث، ولم يكونوا على وفاق في الرواية بها، فبعضهم كان يحجم عن رواية الحديث، إذا نسي لفظه صلى الله عليه وسلم، تورعا خشية أن لا يصيب المعنى، ويرى بأنه قد خرج من إثم كتمان العلم، بأداء غيره ممن هو أحفظ منه وأضبط، وبعضهم كان إذا نسي لفظ الحديث أو بعضه رواه على المعنى إذا كان ضابطا له، خروجا من إثم كتمان العلم، وعملا بحديث: "إذا لم تحلوا حراما، ولم تحرموا حلالا وأصبتم المعنى فلا بأس"، قاله صلى الله عليه وسلم لمن قال له من الصحابة: "يا رسول الله إني أسمع منك الحديث لا أستطيع أن أؤديه كما أسمع منك يزيد حرفا أو ينقص حرفا، قال الحسن:"لولا هذا ما حدثنا"؛ ولأن تبليغ الأحاديث واجب، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فإذا ند اللفظ عن الذهن وعلم المعنى وجب أداؤه بلفظ مماثل، روى البيهقي عن مكحول، قال: دخلت أنا وأبو الأزهر على واثلة بن الأسقع، فقلنا له يا أبا الأسقع، حدثنا