للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس فيه وهم ولا مزيد ولا نسيان، فقال: هل قرأ أحد منكم من القرآن شيئا، فقلنا نعم، وما نحن له بحافظين جدا، إنا لنزيد الواو والألف وننقص، قال: "فهذا القرآن مكتوب بين أظهركم، لا تألونه حفظا، وأنتم تزعمون أنكم تزيدون وتنقصون، فكيف بأحاديث سمعناها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، عسى أن لا نكون سمعناها منه لا مرة واحدة، حسبكم إذا حدثناكم بالحديث على المعنى"، وأسند عن أبي أويس، قال: سألنا الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث فقال: "إن هذا يجوز في القرآن١، فكيف به في الحديث، إذا أصبت معنى الحديث، فلم تحل به حراما، ولم تحرم به حلالا فلا بأس"، وأسند عن وكيع قال: "إن لم يكن المعنى واسعا، فقد هلك الناس"، وعلى جواز الرواية بالمعنى عند نسيان اللفظ النبوي جمهور السلف، وعليه كان العمل كما بينا، ومن هنا أخذ الماوردي اشتراط نسيان لفظه صلى الله عليه وسلم، في جواز الرواية بالمعنى، إذ يقول: "إن نسي اللفظ جاز؛ لأنه تحمل اللفظ والمعنى، وعجز عن أداء أحدهما، فيلزمه أداء الآخر، لا سيما أن تركه قد يكون كتما للأحكام، فإن لم ينسه لم يجز أن يورده بغيره؛ لأن في كلامه صلى الله عليه وسلم من الفصاحة ما ليس في غيره". ا. هـ ونعم ما قال، رحمه الله، قال السيوطي: ولا شك في اشتراط أن لا يكون مما تعبد بلفظه، قال: وعندي أنه يشترط أن لا يكون من جوامع الكلم. ا. هـ، وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه


١ أي في مقام الشرح والبيان، لا في مقام التلاوة والأداء. ويجوز أن يكون في مقام التلاوة والأداء، ولكن في الجملة الوافرة من السورة.
كأن يقرأ سورة الكهف من منتصفها، ثم ينشط فيقرأ باقيها من أولها.

<<  <   >  >>