للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلم إذا اضطروا إلى الرواية بالمعنى، أو شكوا في اللفظ النبوي أو في بعضه، أوردوا عقب الحديث لفظا يفيد التصون والاحتياط، وهم أعلم الناس بمعاني الكلام، لعلمهم بما في الرواية بالمعنى من الخطر، روى ابن ماجه، وأحمد والحاكم عن ابن مسعود أنه قال يوما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فاغرورقت عيناه، وانتفخت أوداجه، ثم قال: "أو مثله، أو نحوه، أو شبيه به"، وفي مسند الدارمي والكفاية للخطيب عن أبي الدرداء أنه كان إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "أو نحوه أو شبهه"، وروى ابن ماجه وأحمد عن أنس بن مالك، أنه كان إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرغ قال: "أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم".

هذا ما كان من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتابعين عند رواية الحديث النبوي، لا يترخصون في الرواية بالمعنى إلا عند نسيان اللفظ المسموع منه صلى الله عليه وسلم، وفي غير جوامع الكلم، وما تعبد بلفظه١، ثم بعد هذا كله يتبعون الحديث بقول يفيد احتياطهم في روايته، وينبهون أثناء سياق الحديث على موضع السهو أو التردد، بما لا تجده لأمة من الأمم في أي عصر من العصور، وإن شئت فاقرأ طرفا من كتب السنة المصونة كالصحيحين، أو السنن لتلمس ما كان عليه القوم من حفظ وضبط، ومن أمانة تامة، وبيان لحقيقة ما يروون:

أولئك آبائي فجئني بمثلهم ... إذا جمعتنا يا جرير المجامع

وأكثر ما كانوا يفعلون، الرواية على اللفظ النبوي المسموع منه


١ كألفاظ الدعاء أو الأذان والإقامة، أوالتشهد في الصلاة.

<<  <   >  >>